الصمت الرسمي..حين تصبح حكومة "عزيز أخنوش" عبئاً على الديمقراطية

الصمت الرسمي..حين تصبح حكومة "عزيز أخنوش" عبئاً على الديمقراطية
ديكريبتاج / الجمعة 24 يناير 2025 22:30:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، لم يعد غياب التواصل الحكومي مجرد هفوة عابرة، بل أصبح نهجاً ممنهجاً يُثير تساؤلات عميقة حول كفاءة الحكومة وقدرتها على مواجهة التحديات الحقيقية التي تعصف بالبلاد. فمع كل أزمة جديدة، يُفاجَأ المواطن بصمت رسمي مطبق يعمّق أزمة الثقة بين السلطة التنفيذية والشعب، ليُطرح السؤال الأهم: هل نحن أمام حكومة عاجزة أم أنها اختارت التهرب من مواجهة الواقع؟

في الأنظمة الديمقراطية، يُعد التواصل ركيزة أساسية لربط القرارات الحكومية بتطلعات المواطنين، غير أن الحكومة الحالية تبدو وكأنها تُدير ظهرها لهذا المبدأ. فمنذ تسلّمها زمام الأمور، اتسم أداؤها بالانطواء والانغلاق، حيث أصبحت البيانات الرسمية والتصريحات الإعلامية أشبه بمقتطفات مقتضبة تُلقي الضوء فقط على ما ترغب الحكومة في الإفصاح عنه، دون أن تتطرق إلى القضايا الجوهرية التي تؤرق المواطن.

غياب المؤتمرات الصحفية المنتظمة وعدم تفاعل الوزراء مع الإعلام خلق حالة من الضبابية، حيث بات الإعلاميون عاجزين عن نقل الصورة الكاملة. وبينما يحاول المواطن البحث عن إجابات، يجد أمامه فراغاً إعلامياً يجعل الواقع أكثر غموضاً وتعقيداً.

في مشهد صادم يعكس هشاشة التواصل السياسي، ظهر الناطق الرسمي باسم الحكومة وهو يخاطب قاعة شبه فارغة خلال إحدى الجلسات. هذا المشهد، رغم بساطته، يحمل دلالات عميقة تُبرز حالة الجمود التي تعاني منها المنظومة الحكومية. فغياب ممثلي الشعب عن متابعة تصريحات الحكومة ليس مجرد استهانة بالبروتوكول، بل مؤشر خطير على ضعف الثقة السياسية داخل المؤسسات نفسها.

إذا كانت قاعة شبه فارغة، فماذا عن قلوب المواطنين التي تنتظر أجوبة؟ ألا تدرك الحكومة أن مثل هذه المشاهد تُعمّق الفجوة بين السلطة والشعب، وتُرسّخ شعوراً باللامبالاة؟

يتزامن هذا الصمت الرسمي مع أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة. ارتفاع الأسعار، تدهور القدرة الشرائية، وتفاقم البطالة كلها تحديات تُثقل كاهل المواطن المغربي. ومع ذلك، يبدو أن الحكومة اختارت الهروب من المواجهة بدلاً من تقديم حلول واقعية.

الصمت أمام هذه الأزمات ليس مجرد تقصير إداري، بل يُعتبر فشلاً سياسياً يُضعف شرعية الحكومة. المواطن المغربي لم يعد يطلب وعوداً زائفة أو خطابات براقة؛ بل ينتظر مصارحة صادقة وإجراءات ملموسة تُخفف من معاناته اليومية.

اعتماد الحكومة على سياسة الصمت يثير تساؤلات حول دوافع هذا النهج. فهل نحن أمام حكومة تُدرك حجم التحديات لكنها تعجز عن مواجهتها؟ أم أن هذا الصمت يُخفي وراءه استراتيجية مقصودة لتجنب الأسئلة الصعبة؟ في كلا الحالتين، العواقب وخيمة، حيث يُنتج هذا النهج فراغاً معلوماتياً يُفسح المجال أمام الإشاعات والتأويلات التي تُضعف استقرار المجتمع.

الصمت لا يمكن أن يكون أداة فعالة لإدارة الأزمات، بل على العكس، يؤدي إلى تضخيم المشاكل ويُعزز الشعور بعدم الثقة في المؤسسات.

الثقة هي العُملة الصعبة التي تبني بها الحكومات رصيدها السياسي، ومع كل يوم يمر دون إجابات واضحة، تتآكل هذه الثقة. المواطن المغربي بات يشعر بأن الحكومة بعيدة عن واقعه، بل وربما عاجزة عن فهم معاناته. هذه الهوة المتزايدة بين الطرفين تهدد السلم الاجتماعي وتضعف شرعية الحكومة، مما يجعلها عرضة للمزيد من الانتقادات والاحتجاجات.

لا يمكن إصلاح الوضع الراهن دون إعادة النظر في أسلوب التواصل الحكومي. المطلوب اليوم ليس مجرد مؤتمرات صحفية شكلية، بل استراتيجية تواصلية شاملة تُعيد بناء جسور الثقة مع الشعب. يجب أن تعتمد الحكومة على الشفافية في طرح الأزمات، وعلى الوضوح في تقديم الحلول، وأن تتوقف عن سياسة الهروب إلى الأمام.

كما أن التفاعل مع الإعلام يجب أن يكون أولوية، باعتباره شريكاً أساسياً في توصيل الرسائل وتوضيح السياسات. صمت الحكومة أمام الإعلام ليس فقط تقصيراً في حق الصحافة، بل يُعتبر إخفاقاً في حق الديمقراطية.

إن استمرار الحكومة في سياسة الصمت يعني أنها إما لا تُدرك خطورة الوضع أو أنها اختارت المجازفة بمستقبلها السياسي. في كلا الحالتين، الثمن سيكون باهظاً، ليس فقط على الحكومة، بل على استقرار الدولة برمتها.

اليوم، المغرب بحاجة إلى حكومة تُواجه الواقع بشجاعة، تُصارح شعبها، وتعمل على تقديم حلول حقيقية تُلبي احتياجات المواطنين. فهل تتخذ الحكومة هذه الخطوة الجريئة؟ أم أنها ستظل حبيسة صمتها حتى يأتي صوت الشارع ليُذكّرها بأنها تعمل لصالح الشعب وليس العكس؟


لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك