أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
افتُتح جناح المغرب في قلب معرض
البندقية الدولي للعمارة، الحدث الأرفع عالميًا في مجاله، حيث دخلت المملكة هذا
المحفل الفني المرموق بمشروع معماري يزاوج بين عبق التقاليد المغربية وأحدث
الابتكارات الرقمية، مؤكدة بذلك حضورها كمصدر للإبداع والابتكار في زمن تتقاطع فيه
تحديات المناخ والهندسة والبناء.
المشروع المغربي، الذي يحمل عنوان
"مادة النقوش المتعددة"، يكشف عن عمق جمالي وفلسفي لمفهوم البناء
بالطين، ويطرح رؤية معمارية جديدة تنبع من التراث وتطمح إلى المستقبل.
هذا الحضور المغربي القوي في البينالي
ليس وليد المصادفة، بل هو ثمرة تنسيق بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل ووزارة
إعداد التراب الوطني، ويأتي في سياق توجيهات ملكية واضحة تهدف إلى تثمين الكفاءات
الإبداعية الوطنية على الساحة الدولية، فالمملكة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس،
تواصل تأكيد التزامها بجعل الثقافة والفن جزءاً من معركتها التنموية وموقعها
الاستراتيجي في قلب المشهد الثقافي العالمي.
المهندسان المغربيان خليل مراد
الغيلالي والمهدي بلياسمين قدّما رؤية معمارية جريئة تُجسد ذكاءً جماعيًا يعيد
قراءة مفهوم البناء في ظل المتغيرات البيئية والاجتماعية المتسارعة.
مشروع "مادة النقوش
المتعددة" لا يكتفي بإحياء الحرفية المغربية التقليدية، بل يُعيد إنتاجها ضمن
منظومة معمارية رقمية معاصرة، قادرة على مخاطبة العالم بلغة العلم والروح، وهو ما
يُظهر مدى قدرة العمارة المغربية على التكيف والابتكار.
الجناح المغربي لا يعرض فقط بناءً
مادياً، بل يقدم تجربة حسية غامرة تستدعي الزائر إلى التفاعل مع الطين كعنصر حي
وذكي، قادر على مقاومة التحديات المناخية واحتضان الحلول البيئية المستدامة، وهو
بذلك يفتح الباب أمام فهم معمق لمبادئ الاقتصاد الدائري ونقل المعرفة ضمن رؤية
متعددة المقاييس والأبعاد، تمزج المحلي بالعالمي والتقليدي بالحديث.
بمشاركته المتميزة في بينالي البندقية،
يؤكد المغرب أنه لا يقدم فقط تراثاً معمارياً عريقاً، بل يضع نفسه في طليعة الدول
التي تستخدم العمارة كأداة للنقاش الكوني حول البيئة، والهوية، والمستقبل. إنه
إعلان ثقافي قوي العمارة المغربية ليست مجرد زخرفة، بل مشروع حضاري متجدد يليق
بالزمن القادم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك