ردع نووي موحّد..فرنسا وبريطانيا تطلقان تحالفاً عسكرياً يغير موازين الأمن الأوروبي

ردع نووي موحّد..فرنسا وبريطانيا تطلقان تحالفاً عسكرياً يغير موازين الأمن الأوروبي
شؤون أمنية وعسكرية / السبت 12 يوليو 2025 - 13:32 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي

في تطور لافت وغير مسبوق في تاريخ التعاون العسكري بين باريس ولندن، أعلنت فرنسا وبريطانيا عن تنسيق شامل لقدراتهما في مجال الردع النووي، في خطوة تؤشر على القلق الأوروبي المتزايد من تصاعد التهديدات الجيوسياسية، خاصة القادمة من روسيا. الإعلان جاء خلال زيارة رسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة المتحدة، توجت بمؤتمر صحافي مشترك شدد فيه الطرفان على عزمهما تعزيز الترسانة النووية الأوروبية بشكل منسق لحماية القارة من أي تهديدات استراتيجية.

ويُمثّل هذا التنسيق النووي نقلة نوعية في علاقات الدفاع بين البلدين، حيث يتخطى المفهوم التقليدي للشراكة إلى ما وصفه المسؤولون بـ"الوفاق الصناعي الدفاعي الجديد". ويتضمن هذا الوفاق، إلى جانب الردع النووي، مشاريع صناعية استراتيجية لتطوير أسلحة دقيقة التوجيه وصواريخ بعيدة المدى، من بينها برنامج مشترك لاستبدال صواريخ "ستورم شادو" القادرة على ضرب أهداف عميقة بدقة شبه مطلقة.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكد أن الاتفاق يعكس التزاما راسخا بمواجهة التحديات الأمنية الطارئة، مضيفا أن الشراكة مع فرنسا ستمكّن البلدين من تسريع تطوير قدراتهما في الردع والجاهزية القتالية. من جهته، أشار وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إلى أن السياق الأمني المضطرب، خاصة مع تصاعد الخطاب الروسي المرتبط بالسلاح النووي، يتطلب تنسيقا أوروبيا حازما وغير تقليدي.

الردع النووي المشترك لم يكن سوى محور من عدة محاور شملها الاتفاق الثنائي، حيث اتفق الطرفان أيضا على توسيع التعاون في مجال الهجرة غير النظامية، والاستثمار في مشاريع صناعية دفاعية متقدمة، ما يُشكل نقطة تحول في المعمار الأمني الأوروبي لما بعد أوكرانيا.

في موازاة ذلك، كشفت مصادر فرنسية أن إيطاليا أبرمت صفقة لاقتناء صواريخ كروز فرنسية من طراز SCALP-EG، وهي النسخة الأوروبية من صاروخ “ستورم شادو” البريطاني. هذه الصواريخ تمثل سلاحا استراتيجيا من الجيل الجديد، يُستخدم لضرب أهداف حساسة على بعد يصل إلى 1000 كيلومتر، وقد أثبت فاعليته في النزاعات الحديثة، لا سيما في أوكرانيا.

صواريخ SCALP-EG طُورت بداية في تسعينيات القرن الماضي من قبل شركتي ماترا وبريتيش إيروسبيس، قبل أن تتكفل شركة MBDA بتطويرها وتصنيعها لاحقاً. وتتميز هذه الصواريخ بقدرتها الفائقة على التخفي والتفادي، إذ تم تصميمها بتقنية "الشبح" التي تجعل اكتشافها عبر الرادارات والطائرات من نوع AWACS أمراً بالغ الصعوبة. وتُطلق من طائرات مقاتلة من طراز "رافال" و"ميراج 2000" و"يوروفايتر"، وقد تم اعتمادها في ترسانة جيوش أوروبية عدة.

الصاروخ مزوّد برأس حربي متطور من نوع BROACH، يتألف من شحنة أولى لاختراق الدفاعات، تليها شحنة رئيسية عالية الانفجار قادرة على تدمير المنشآت المحصنة، من قواعد عسكرية ومراكز قيادة إلى محطات طاقة ومخازن ذخيرة. كما يتميز بنظام توجيه ذكي يمكّنه من تفادي مناطق الدفاع الجوي والتحليق على ارتفاعات منخفضة، مسترشدا بالتضاريس، وصولاً إلى تنفيذ ضربات دقيقة ومحددة.

بإجماع الخبراء، يمثّل هذا التكتل العسكري الفرنسي البريطاني منعطفاً حاسماً في طبيعة الردع الأوروبي، ويعيد رسم توازن القوى داخل حلف الناتو، وسط عالم تتغير فيه خطوط المواجهة بسرعة غير مسبوقة، وتتزايد فيه الحاجة إلى تحالفات نووية استراتيجية مبنية على التكنولوجيا، لا فقط على التهديدات.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك