أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت
يواصل الجيش المغربي ترسيخ مكانته كقوة عسكرية إقليمية صاعدة، من خلال امتلاكه ترسانة نوعية من المعدات والأسلحة الاستراتيجية، في خطوة تؤكد سعيه المستمر للتموقع ضمن القوى الكبرى ذات التأثير الفعلي في المنطقة والعالم.
فقد حقق إنجازاً جديداً بحلوله في المرتبة 59 عالمياً وفق تصنيف "غلوبال فاير باور" لسنة 2025، متقدماً على دول معروفة بتقاليدها العسكرية، ومؤكداً تطوره المتواصل في عدة مجالات حيوية.
وبرزت القوات المسلحة الملكية بشكل خاص في امتلاكها لعدد من الأسلحة المتقدمة، حيث صنّفها التقرير ضمن المراتب الأولى عالمياً من حيث عدد الفرقاطات، والمدفعية ذاتية الحركة، والدبابات، وطائرات النقل والمروحيات، ما يعكس توازن البنية العسكرية بين القوات البرية والبحرية والجوية.
ويُظهر هذا التقدم النوعي أن المغرب لم يعد فقط فاعلاً أمنياً على المستوى الداخلي، بل لاعباً رئيسياً في حفظ التوازنات الاستراتيجية داخل القارة الإفريقية والمنطقة العربية.
وعلى الرغم من كون المركز 59 قد يبدو متواضعاً مقارنة بالقوى العظمى، فإن المغرب تجاوز دولاً أكبر منه من حيث المساحة والاقتصاد وعدد السكان، خاصة في المجالات المرتبطة بتحديث الترسانة العسكرية وتطوير البنية التحتية الدفاعية. ويأتي هذا التطور نتيجة مباشرة لاستراتيجية واضحة اعتمدتها المملكة في السنوات الأخيرة، تقوم على تعزيز الاستثمار العسكري وربط الأمن بالدبلوماسية الاستباقية.
في هذا السياق، رفعت الحكومة المغربية ميزانية الدفاع في قانون المالية لسنة 2025 إلى أزيد من 133 مليار درهم، وُجهت لتحديث وتطوير العتاد العسكري، وإطلاق ورشات لتوطين الصناعات الدفاعية، ونقل التكنولوجيا بهدف تعزيز السيادة الوطنية وتقليل الاعتماد على السوق الدولية في ما يتعلق بالتسلح.
هذا الاستثمار الضخم يعكس إدراك الدولة للتحديات الأمنية المركّبة التي تحيط بها، سواء المرتبطة بعدم الاستقرار في الجوار الإقليمي أو بالتهديدات المستجدة ذات الطابع غير التقليدي.
وبينما تواصل القوى العالمية الكبرى تصدر قائمة الترتيب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تليها روسيا والصين، ثم الهند وكوريا الجنوبية، فإن صعود الجيش المغربي في هذا التصنيف يعد دليلاً على أن قوة الردع لم تعد حكرًا على الأقطاب التقليدية، بل بات بإمكان دول ناشئة أن ترسم لنفسها طريقًا صاعدًا ضمن خريطة القوى العسكرية الدولية.
إن تطور الجيش المغربي لم يعد فقط مصدر فخر داخلي، بل بات جزءاً من معادلة الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تعدد التحديات الأمنية على تخوم المملكة، سواء تعلق الأمر بالتهديدات الإرهابية في الساحل والصحراء، أو محاولات زعزعة الأمن عبر الحدود.
وفي هذا الإطار، يبدو أن المغرب عازم على تعزيز موقعه كفاعل رئيسي في الأمن الجماعي، ليس فقط بالكلام والدبلوماسية، بل بما تملكه قواته المسلحة من الجاهزية والمهنية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك