أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
يستمر التوتر الجيوسياسي بين المغرب والجزائر، في دفع البلدين إلى تعزيز قدراتهما الدفاعية والهجومية، مع التركيز بشكل خاص على سلاح الجو، باعتباره أحد أهم أدوات الردع الاستراتيجي في أي صراع محتمل.
وبينما يمضي المغرب في تحديث سلاحه الجوي عبر شراكات مع الولايات المتحدة وأوروبا، تعزز الجزائر ترسانتها العسكرية من خلال توطيد علاقاتها العسكرية مع روسيا، وهو ما تجسد مؤخرًا في دخول مقاتلات سوخوي Su-35S الروسية الخدمة لدى الجيش الجزائري.
الجزائر تتسلح بمقاتلات سوخوي 35 الروسية
وفقًا لما أورده موقع "أفريكا ميليتاري" المتخصص في الشؤون العسكرية الإفريقية، بدأت الجزائر رسميًا تشغيل مقاتلات سوخوي Su-35S الروسية، ما يعكس استمرار الشراكة العسكرية الوثيقة بين البلدين.
وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن الجزائر أبرمت في 2018 صفقة مع موسكو لاقتناء 24 مقاتلة من هذا الطراز، ما يجعلها من أوائل الدول التي تحصل على هذا النوع المتطور من الطائرات خارج روسيا.
هذا، وتتميز مقاتلة Su-35S بقدرات هجومية متقدمة، حيث تعتبر من بين أفضل الطائرات القتالية في العالم، بفضل أنظمة الرادار المتطورة، والقدرة على المناورة العالية، والتسلح بصواريخ جو-جو وجو-أرض بعيدة المدى.
المغرب يعزز سلاحه الجوي..شراكة استراتيجية مع واشنطن وباريس
في الجهة المقابلة، لم يقف المغرب مكتوف الأيدي أمام التطورات العسكرية الجزائرية، إذ يواصل تحديث قوته الجوية عبر شراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة وفرنسا.
ومن أبرز الصفقات العسكرية التي عقدها المغرب مؤخرًا:
شراء 25 مقاتلة "F-16V Viper" الأمريكية، وهي من أحدث النسخ المتطورة للطائرة الشهيرة، مما يعزز القدرات القتالية لسلاح الجو المغربي.
اقتناء طائرات بدون طيار متطورة، من بينها المسيرات الإسرائيلية "هيرمز 900"، والمُسيّرات التركية "بيرقدار TB2"، التي أثبتت فعاليتها في النزاعات الحديثة.
تعزيز التعاون العسكري مع فرنسا عبر تحديث مقاتلات "Mirage F1" و"Rafale"، بالإضافة إلى اهتمام المغرب بالحصول على طائرات حربية متطورة من دول أوروبية.
هذه التحركات تظهر رغبة المغرب في الحفاظ على توازن القوى في المنطقة، وضمان تفوقه الجوي في مواجهة أي تهديدات إقليمية.
سباق التسلح بين المغرب والجزائر..هل يقود المنطقة إلى أزمة؟
يطرح هذا التنافس المحموم في مجال التسلح عدة تساؤلات حول تداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة.
فرغم تأكيد البلدين على طابع دفاعي لترسانتهما العسكرية، فإن واقع التوترات الدبلوماسية المتزايدة بينهما قد يجعل أي تصعيد عسكري ممكنًا في المستقبل.
فالمؤشرات الحالية توحي بأن كل طرف يسعى إلى تحقيق تفوق استراتيجي في مواجهة الآخر، وهو ما يبرز من خلال:
المناورات العسكرية المتكررة التي يجريها الجيشان المغربي والجزائري بالقرب من الحدود المشتركة.
تزايد الإنفاق العسكري، حيث تُخصص الجزائر والمغرب جزءًا كبيرًا من ميزانيتهما السنوية لشراء الأسلحة والمعدات الحربية.
التحركات الدبلوماسية المكثفة لكسب دعم القوى الكبرى في حال حدوث أي تصعيد محتمل.
هل نحن أمام مواجهة عسكرية أم ردع متبادل؟
بينما يواصل البلدان تعزيز قدراتهما العسكرية، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن أن يتحول هذا السباق إلى صراع مباشر، أم أن الردع المتبادل سيحافظ على توازن القوى؟
يعتقد العديد من المحللين أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار حالة التوتر دون الوصول إلى مواجهة مفتوحة، خاصة أن أي نزاع عسكري بين المغرب والجزائر لن يكون في صالح الطرفين، وسيؤدي إلى تداعيات كارثية على المنطقة برمتها.
في ظل هذه المعادلة، يظل الخيار الأمثل هو البحث عن حلول دبلوماسية لتخفيف حدة التوتر، رغم أن لغة التسليح والردع لا تزال هي المهيمنة على المشهد بين الجارين.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك