أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
في خطوة مفاجئة، تكشف عن تحولات معقدة في المشهد السوري، ألحقت السلطات السورية 280 مقاتلًا مغربيًا بصفوف جيشها بعد منحهم الجنسية السورية، في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات حول خلفيات هذا القرار وتداعياته.
فمن هم هؤلاء المقاتلون؟ وكيف وجدوا أنفسهم في قلب الجيش السوري بعد سنوات من القتال ضمن الفصائل المتصارعة؟
يعود أصل القصة إلى السنوات الأولى للحرب السورية، حين تدفق آلاف المقاتلين الأجانب، ومن بينهم المغاربة، إلى الأراضي السورية للانخراط في فصائل مسلحة متعددة، سواء في صفوف الجماعات الجهادية مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، أو ضمن مليشيات مدعومة من قوى إقليمية. مع تغير المعادلة العسكرية وانهيار العديد من هذه التنظيمات، وجد المقاتلون المغاربة أنفسهم في مأزق خطير، بين مطاردة الأجهزة الأمنية، أو الاعتقال، أو الهروب نحو مصير مجهول.
في ظل هذه الفوضى، ظهرت سياسة جديدة تعتمدها دمشق، تقضي بإعادة تأهيل بعض المقاتلين السابقين ودمجهم في الجيش النظامي، مقابل منحهم الجنسية السورية. هذه الخطوة، التي جاءت بدعم من حلفاء النظام، اعتُبرت وسيلة لتعزيز القدرات البشرية للقوات السورية، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش على مدار سنوات الحرب. وبالنسبة للمقاتلين المغاربة، فإن التجنيس كان بمثابة طوق نجاة، حيث أتاح لهم فرصة للبقاء في سوريا، بدلاً من مواجهة الاعتقال أو حتى التصفية.
لكن هذا التحول لا يخلو من التعقيدات، فهؤلاء المقاتلون تحولوا من عناصر كانت تحارب النظام إلى جنود تحت إمرته، وهو ما يطرح تساؤلات عن مدى ولائهم الحقيقي، وما إذا كانوا قد انخرطوا عن قناعة أم اضطروا لذلك تحت وطأة الظروف. كما أن منحهم الجنسية السورية يثير تساؤلات حول موقف المغرب، الذي طالما شدد على ضرورة استعادة مقاتليه ومحاكمتهم على أراضيه، خوفًا من تداعيات عودتهم دون مراقبة.
على المستوى الإقليمي، فإن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من إعادة ترتيب الأوضاع في سوريا، حيث تسعى دمشق إلى احتواء الفصائل المقاتلة وإعادة تشكيل خريطة القوى العسكرية في البلاد. لكن هل سيقبل هؤلاء المقاتلون بدورهم الجديد في الجيش السوري؟ أم أن هذه العملية ستؤدي إلى انشقاقات جديدة وصراعات داخلية؟
التحاق 280 مغربيًا بالجيش السوري بعد حصولهم على الجنسية يكشف عن ديناميات غير تقليدية في الحروب الحديثة، حيث لا تقتصر المعارك على ساحات القتال، بل تمتد إلى ملفات التجنيس وإعادة الدمج، وسط توازنات معقدة بين المصالح الأمنية والسياسية. ما يحدث اليوم في سوريا قد يكون نموذجًا جديدًا للتعامل مع المقاتلين الأجانب، لكن تبقى الأسئلة معلقة حول مصير هؤلاء المغاربة، وما إذا كانوا قد وجدوا فعلاً وطنًا جديدًا، أم أنهم مجرد أدوات في لعبة أكبر لم تنتهِ بعد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك