أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل
السنين المتأخرة من عمر المرأة لم تعد
كما كانت، ولم تعد تُقاس بالتجاعيد أو آلام المفاصل، بل باتت تُقاس بمرونتها
ولياقتها ومقدار القوة التي ما زالت تسكن جسدها، فالرياضة لم تعد مجرد وسيلة
للحفاظ على الوزن، بل تحوّلت إلى سر من أسرار التوازن الجسدي والنفسي، خصوصًا بعد
سن الخمسين.
أثبتت الدراسات أن النساء اللواتي
يمارسن الرياضة بانتظام بعد سن اليأس يتمتعن بجهاز مناعي أقوى، وعظام أكثر صلابة،
وانخفاض واضح في مخاطر أمراض القلب والسكري والسرطان. النشاط البدني المعتدل،
كالمشي أو السباحة أو اليوغا، يصبح درعًا حاميًا من تدهور الوظائف الحيوية مع
التقدم في السن.
لكن ليست الفوائد البدنية وحدها ما
يجعل الرياضة سلاحًا سريًا للنساء المتقدمات في العمر، فالصحة النفسية بدورها تنال
نصيب الأسد من هذا النشاط المنتظم، فالتمارين تطلق هرمونات السعادة وتقلل التوتر
وتكافح الاكتئاب، وهي عوامل نفسية حساسة في هذه المرحلة من حياة المرأة.
الرياضة كذلك تعزز الثقة بالنفس،
وتحارب الإحساس بالهشاشة أو العجز، وتمنح المرأة شعورًا بالسيطرة على جسدها
وتفاصيل حياتها، في زمنٍ تحاول فيه الشيخوخة أن تهمس في الأذن بأن الزمن قد مرّ،
تأتي الرياضة لتصرخ في وجهها: ما زال في الجسد روح!
كثيرات يبدأن ممارسة الرياضة في سن
متأخرة ويصبحن أكثر نشاطًا وقوة مما كن عليه في شبابهن. والأجمل أن هذه الطاقة لا
تبقى حبيسة الجسد، بل تنعكس على جودة الحياة والعلاقات اليومية وحتى على نوعية
النوم وسرعة التعافي من الأمراض.
الأطباء ينصحون النساء، خاصة بعد
الخمسين، بالجمع بين تمارين المقاومة الخفيفة، وتمارين التوازن، وتمارين القلب،
لأن ذلك يخفف من خطر السقوط ويزيد من كفاءة الجهاز التنفسي ويحافظ على القدرات
الذهنية.
ولعل أجمل ما في الرياضة في هذه
المرحلة أنها لا تحتاج إلى نوادٍ فاخرة أو مدربين متخصصين، بل يمكن للمرأة أن تبدأ
من بيتها، بتمارين بسيطة، في وقت قصير، وتحصد فوائد كبيرة. السر يكمن في
الاستمرارية، وفي اتخاذ القرار بالتحرّك بدل الاستسلام.
الرياضة بعد الخمسين ليست مجرد نشاط
بدني، بل هي إعلان ثورة على القيود، ورفض صريح لأن تُختزل المرأة في أرقام عمرها،
إنها فرصة لإعادة تعريف الذات، والقول: ما فات لا يعني النهاية، بل بداية جديدة
بجسد أقوى وروح أبهى.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك