أنتلجنسيا المغرب:أبو آلاء
فجّرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، موجة انتقادات حادة عقب صدور تقرير تدقيق منظمة الصحة العالمية حول الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، معتبرة نتائجه صادمة وتعكس فشلاً بنيوياً عميقاً في حكامة قطاع حيوي يمس الأمن الصحي للمغاربة.
فالتقرير، الصادر منتصف دجنبر الجاري، كشف عجز المغرب عن بلوغ مستوى النضج الثالث المعتمد دولياً، وهو التصنيف الذي يمنح الموثوقية للسلطات الرقابية الوطنية، ما أدى إلى تراجع موقع المملكة قارياً وإخراجها عملياً من لائحة الدول المرجعية في صناعة الأدوية واللقاحات، رغم ما رُصد من إمكانيات وشعارات إصلاح.
وحمّلت الشبكة مسؤولية هذا التراجع لما وصفته بتغوّل لوبيات الدواء واستمرار فوضى الأسعار، حيث تُستنزف القدرة الشرائية للمواطنين عبر أثمنة تتجاوز في بعض الحالات عشرة أضعاف أسعارها في دول المنشأ ودول الجوار، وسط عجز مقلق لمؤسسات يفترض فيها حماية المنافسة وكسر الاحتكار.
كما نبّهت إلى نزيف الكفاءات داخل الوكالة، بعد مغادرة أزيد من 200 إطار علمي وتقني في ظروف اعتُبرت طاردة، وتعويض الخبرة المتراكمة بأنماط تعاقد هشّة تفتقر للاستقرار والسيادة المعرفية.
وأكدت أصوات من داخل القطاع أن التقييم الأممي اعتمد معايير دقيقة من عشر نقاط، وأن النتائج جاءت دون التوقعات بكثير، مع تسجيل اختلالات في الهيكلة واستقلالية المصالح وتأخر النصوص القانونية المؤطرة،
ما يعكس أعطاباً تراكمية تمتد لسنوات. ورغم الإقرار بأن إحداث الوكالة كان رهاناً إصلاحياً، فإن انطلاقتها المتعثرة وهجرة الأطر فاقمت أزمة منظومة الدواء بدل معالجتها.
وأمام خطورة المؤشرات، طالبت الشبكة بربط المسؤولية بالمحاسبة، ونشر التقرير كاملاً دون انتقائية، وفتح تحقيق شفاف لتحديد أسباب هذا الانحدار الذي يمس الأمن القومي الصحي، إلى جانب مراجعة جذرية لسياسة تسعير الأدوية لضمان الحق في العلاج.
كما دعت إلى تفعيل صارم لدور مجلس المنافسة والانتقال من منطق التوصيات إلى منطق الزجر، لوضع حد للاحتكار والجشع والتواطؤ في سوق الدواء، معتبرة أن استمرار الوضع القائم يشكل تهديداً مباشراً لصحة المواطنين ولمصداقية الدولة في تدبير أحد أخطر الملفات الاجتماعية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك