أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
تعيش سبتة ومليلية حالة استنفار غير مسبوقة بعد وصول 3559 مهاجراً خلال فترة وجيزة، في واحدة من أقوى موجات الهجرة غير النظامية التي تضرب الضفتين منذ سنوات.
هذا التدفق المكثّف أعاد الملف إلى الواجهة بقوة، وأحدث ضغطاً كبيراً على مراكز الإيواء المؤقت وعلى الأجهزة الأمنية الإسبانية التي وجدت نفسها أمام وضع مُعقّد وصعب التدبير.
طرق جديدة وشبكات أكثر جرأة
مصادر مطلعة تؤكد أن أغلب الوافدين ينتمون إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى نسبة متزايدة من المغاربة، ما يعكس تغيّراً في ديناميات الظاهرة.
فشبكات التهريب أصبحت أكثر جرأة، مستعملة مسالك بحرية وبرّية غير تقليدية، مع استغلال ثغرات المراقبة ونقاط الازدحام في فترات الليل.
ورغم تعزيز المراقبة، فإن موجة العبور الأخيرة أظهرت قدرة المهربين على التأقلم وعلى تطوير أساليبهم في مواجهة الإجراءات الأمنية.
مدينتان مختنقتان:تحذيرات حقوقية وصدام سياسي
في سبتة ومليلية، وصلت مراكز الاستقبال إلى عتبة الانهيار، حيث حذرت منظمات حقوقية من ظروف الاحتجاز والاكتظاظ.
فيما دخل الملف دائرة الصراع السياسي داخل إسبانيا، بين من يدعو إلى تشديد القبضة الأمنية، ومن يرى أن المقاربة الوحيدة الكافية هي تسريع الاتفاقيات مع دول المنشأ والعبور وإيجاد حلول إنسانية طويلة الأمد.
مدريد في ورطة والمغرب في قلب المعادلة
الحكومة الإسبانية تعتبر أن التنسيق مع المغرب يظل العامل الحاسم في ضبط تدفقات الهجرة، إلا أن الموجة الأخيرة تُظهر هشاشة التفاهمات القائمة، وتؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في آليات المراقبة والتعاون.
فمدريد تجد نفسها أمام معادلة معقدة:حماية حدودها، احترام التزاماتها الحقوقية، وعدم المساس بالشراكة الاستراتيجية مع الرباط.
إنذار مبكر وأزمة مرشّحة للتصعيد
الخبراء يحذرون من أن موجة 3559 مهاجراً ليست سوى بداية مرحلة جديدة من الضغط الهجروي على إسبانيا، مدفوعة بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والتوترات الأمنية في منطقة الساحل، واتساع نشاط شبكات التهريب.
ومع غياب حلول جذرية، تبدو إسبانيا مقبلة على موسم صعب، قد يتحول إلى أزمة مفتوحة تتجاوز حدود المدينتين المحتلتين نحو عموم السواحل الجنوبية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك