أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
كشفت نتائج مؤشر المعرفة العالمي 2025، عن واقع صادم لمنظومة التعليم المغربية، حيث احتل المغرب الرتبة 129 عالمياً في التعليم قبل الجامعي، في واحد من أسوأ ترتيباته التاريخية، بينما حل في المركز 89 في مجمل المؤشر من أصل 195 دولة.
هذه الأرقام لا تقدم مجرد ترتيبات تقنية، بل ترسم صورة منظومة تتراجع بينما يتقدم العالم بسرعة فائقة نحو اقتصاد المعرفة.
129 عالمياً:انهيار التعليم الأساسي وانهيار المستقبل
قطاع التعليم قبل الجامعي في المغرب حصل فقط على 48 نقطة، محتلاً رتبة متأخرة جداً، والمؤشرات الفرعية جاءت كلها قاتمة:
الولوج والإتاحة: 45 نقطة (الرتبة 125)
بيئة التعلم: 59 نقطة (الرتبة 109)
النتائج: 41 نقطة (الرتبة 117)
هذا يعني أن أجيالاً كاملة لا تحصل لا على تعليم جيد، ولا على فرص متكافئة، ولا على نتائج تؤهلها لمستقبل تنافسي.
إنه خلل بنيوي لا تعالجه المناهج الجديدة ولا الشعارات المتكررة.
التعليم العالي والتكوين المهني:أزمة أعمق مما يبدو
من خلال التقرير الدولي المذكور، لم يكن وضع التعليم العالي والتكوين المهني أفضل حالاً:
37 نقطة فقط
المرتبة 117 عالمياً
ورغم قوة نسبية في بيئة التعلم (77 نقطة – الرتبة 66)، فإن باقي المؤشرات تنهار:
الولوج: 18 نقطة
النتائج: 16 نقطة (الرتبة 158!)
وهذه الأرقام تعني ببساطة:
جامعات بدون تأثير، شهادات بدون قيمة، وبحوث بلا أثر.
البحث العلمي والابتكار:غياب شبه كامل
في مجال يفترض أن يرفع الدول، يسجل المغرب:
16 نقطة فقط في البحث العلمي (الرتبة 63)
15 نقطة في الابتكار (الرتبة 88)
مقابل دول تنتج المعرفة بنسبة تفوق المتوسط العالمي بـ 35%.
الهوة هنا ليست فجوة، بل هاوية بين المغرب والعالم الذي يركض نحو اقتصاد الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
التكنولوجيا الرقمية:بنية ضعيفة في عصر السرعة
قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لم يتجاوز:
38 نقطة – الرتبة 83 عالمياً
في عالم أصبح فيه الإنترنت عالي السرعة أساسياً للاقتصاد والتعليم والإدارة، تعكس هذه المعطيات عجزاً هيكلياً عن اللحاق بالعصر الرقمي رغم إطلاق شبكات الجيل الخامس.
اقتصاد بلا معرفة ومعرفة بلا اقتصاد
سجل المغرب في مكوّن الاقتصاد الرقمي والمعرفي:
38 نقطة – الرتبة 100
هذا يعني أن الاقتصاد الوطني غير قادر على تحويل المعرفة إلى فرص شغل، ولا إلى قيمة مضافة، ولا إلى تنافسية دولية.
فاقتصاديات اليوم تُبنى على التكنولوجيا، الابتكار، البحث العلمي، والتعليم الجيد…وهي كلها مكونات ضعيفة أو شبه غائبة في الحالة المغربية.
الجانب المشرق؟ الحكامة فقط
يسجل المغرب أداءً أفضل نسبياً في مكوّنات البيئة والمجتمع والحكامة (الرتبة 70)، لكن هذه القوة تبقى غير كافية لتعويض ضعف القطاعات المنتِجة للمعرفة.
حيث لا يمكن لأي دولة أن تبني اقتصاداً حديثاً بينما تعليمها وبحثها العلمي عاجزان.
مقارنة قاتلة مع الدول المتقدمة
تقود دول مثل سويسرا، سنغافورة، السويد والدانمرك المؤشر بقيم تفوق 65 نقطة، بفضل:
بنية رقمية قوية
منظومات بحث علمي متقدمة
تعليم أساسي عالي الجودة
قدرة كبيرة على الابتكار
بينما يظل المغرب في منطقة المستويات المتدنية، مشتركاً مع غالبية الدول الإفريقية التي تتذيل الترتيب.
أزمة منظومة..لا أزمة مؤشرات
الأرقام التي كشفها مؤشر المعرفة العالمي 2025 ليست مجرد ترتيب فقط، إنها إعلان رسمي عن استمرار الأزمة البنيوية العميقة للتعليم المغربي رغم عقود من الإصلاحات المكلفة وغير المجدية.
فحين يحتل المغرب:
129 عالمياً في التعليم قبل الجامعي
117 في التعليم العالي
86 في البحث العلمي
83 في التكنولوجيا
فهذا يعني أن مستقبل التنافسية الوطنية في خطر حقيقي.
السؤال اليوم ليس: لماذا احتل المغرب هذه الرتب؟ السؤال الحقيقي هو:إلى متى سنظل ننتج إصلاحات شكلية بينما ينهار عماد التنمية:التعليم؟
ختاما، التقرير الدولي يقول كل شيئ والأجيال القادمة هي التي ستدفع الثمن الأكبر.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك