مديونة تُشعل شرارة التغيير: التعاونيات تكتب فصلًا جديدًا في قصة التنمية الترابية

أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل

في قلب إقليم مديونة، شهدت الساحة التنموية حدثًا لافتًا حمل في طياته ملامح تحوّل اجتماعي واقتصادي، حيث التأم ممثلو التعاونيات في لقاء تواصلي استثنائي، أضاء الطريق أمام آفاق جديدة للتنمية الترابية العادلة. اللقاء الذي احتضنته اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية لم يكن مجرد حدث رسمي، بل لحظة مفصلية في مسار توطيد الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتحويل التعاونيات إلى قاطرة فعلية للتنمية المحلية المستدامة.

علي سالم الشكاف، عامل إقليم مديونة، وإن غاب جسديًا، حضر من خلال كلمته التي نقلتها رئيسة قسم العمل الاجتماعي سهام بوخرواعة، حيث شدد على أن التعاونيات ليست فقط أداة إنتاج، بل أصبحت فضاءً ديناميكيًا يختزل معاني الابتكار وتمكين النساء والشباب، ويجسد عمق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في بعدها القائم على العدالة المجالية والحكامة التشاركية وبناء الثقة بين الفاعلين.

من جهتها، رباب بنجلون، المديرة الإقليمية للفلاحة، وضعت الإصبع على جوهر الرهان حين أكدت أن التعاونيات تُعدّ الذراع التنفيذية لعدد من الاستراتيجيات الوطنية، وفي مقدمتها "الجيل الأخضر"، وهو ما تجلى بوضوح في النمو اللافت لعدد التعاونيات بالإقليم، التي قفزت من 16 إلى نحو 50 خلال خمس سنوات فقط، في إشارة إلى أن الأرضية باتت خصبة لحراك إنتاجي وتحويلي يخلق الثروة ويكسر قيود التهميش.

اللقاء لم يكتف بالتنظير، بل اتخذ منحى عمليًا من خلال جلسات علمية وورشات موضوعاتية، تطرقت إلى التحديات القانونية والتسويقية والهيكلية التي تواجه التعاونيات، كما استعرض نماذج ناجحة لمشاريع استطاعت أن تبني جسورًا بين الإنتاج والتسويق، وبين المعرفة المحلية والدينامية الاقتصادية، ما يجعل من هذه التجربة مرجعًا يحتذى به في باقي أقاليم المملكة.

ما حدث في مديونة ليس مجرد نشاط عابر في أجندة مؤسساتية، بل صرخة تنموية بوجه النموذج التقليدي الذي طالما أغفل دور التعاونيات في تحقيق التوازن المجالي. هو إعلان صريح بأن التنمية الحقيقية تمر عبر دمقرطة الاقتصاد، وتحويل الفاعل المحلي من متلقٍ إلى شريك، ومن هامشي إلى صانع مصير.