كيف انهارت المعارضة المغربية ولماذا أصبح الطريق نحو 2026 مفروشاً أمام أخنوش رغم الاحتقان الشعبي؟ وهذه السيناريوهات المحتملة

كيف انهارت المعارضة المغربية ولماذا أصبح الطريق نحو 2026 مفروشاً أمام أخنوش رغم الاحتقان الشعبي؟ وهذه السيناريوهات المحتملة
سياسة / الثلاثاء 18 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

أزمة المعارضة في المغرب ليست ظرفية ولا مرتبطة بانتخابات 2021 فقط؛ إنها أزمة هيكلية تضرب جذور النظام الحزبي. أحزاب المعارضة فقدت ثلاثة عناصر أساسية: الشرعية، التنظيم، والقدرة على التأثير.

اليوم، أصبح المغرب يعيش وضعاً غير مسبوق: ديمقراطية بدون منافسة سياسية، وبرلمان بدون توازن، ومعارضة تحوّلت إلى ظِلٍّ باهت يصرخ خارج المعادلة.

تقرير Freedom House 2024 صنّف المغرب ضمن خانة الدول “غير الحرة جزئياً”، مؤكداً وجود “اختلالات حادة في التعددية السياسية وضعف الأداء الحزبي”.

كما أن مؤشر الديمقراطية لـEconomist Intelligence Unit سجل تراجعاً في الجانب المتعلق بالتعددية السياسية والعملية الانتخابية.

لماذا انهارت المعارضة؟ أربعة أسباب جوهرية

1. اختراق بنيوي للأحزاب وتفكيك نواتها الصلبة

خلال السنوات الأخيرة، عاشت أحزاب المعارضة اختراقاً داخلياً ممنهجاً:

قيادات ضعيفة، صراعات داخلية، نزيف الأطر، وتدخلات “غير مباشرة” أفرغت الأحزاب من قدراتها التعبوية.

أحزاب مثل العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية لم تتعافَ من الهزائم السابقة، بينما اليسار فقد جذوره الاجتماعية.

2. غياب الزعامة السياسية

في المغرب اليوم، لا يوجد سياسي واحد قادر على خلق موجة انتخابية حقيقية.

زمن الزعماء الكاريزميين انتهى، وحلّ محله جيل من القياديين “الإداريين” الذين يفتقرون للرؤية والجرأة.

3. تحالف المال والإعلام لصالح السلطة التنفيذية

سيطرة مجموعات اقتصادية نافذة—من بينها تلك المرتبطة مباشرة برئيس الحكومة—خلقت موازين قوى مختلة.

الآلة الإعلامية القريبة من دوائر السلطة تمكنت من التحكم في النقاش العمومي، وتهميش كل خطاب بديل.

4. برلمان مغلق… وقوانين انتخابية تعرقل التغيير

القانون الانتخابي الجديد، المعتمد منذ 2021، شتّت الأحزاب الصغيرة، وحرم المعارضة من أدوات تنافسية حقيقية.

النتيجة: مجلس نواب بلا سلطة رقابية، وتحالف حكومي يتحرك دون مقاومة.

حكومة أخنوش:حكومة “الأمر الواقع”

رغم الغلاء القياسي، أزمة المحروقات، التعليم المنهار، الاحتقان الاجتماعي، وتراجع الاستثمار…

ورغم الاحتجاجات الرقمية واسعة النطاق…

لم يواجه رئيس الحكومة أي تهديد سياسي حقيقي، لأن غياب المعارضة خلق “فراغاً مؤسسياً” جعل الحكومة تعيش بلا محاسبة.

تقارير البنك الدولي وOECD أشارت إلى “ضعف حكامة السياسات العمومية في المغرب” و”غياب آليات فعّالة للمحاسبة”.

هل يملك أخنوش حظوظاً للاستمرار في 2026؟

الجواب: نعم وبقوة. ليس بسبب إنجازات الحكومة، بل بسبب انهيار البديل.

سبب 1: آلة انتخابية ومالية ضخمة

التجمع الوطني للأحرار يملك واحدة من أقوى الآلات الانتخابية في المغرب، مدعومة بشبكات اقتصادية واجتماعية واسعة.

الحزب يستطيع شراء الوجود في الميدان عبر الجمعيات، الحملات الاجتماعية، الدعم غير المباشر، والتواصل الإشهاري المستمر.

سبب 2: ضعف المنافسين

لا العدالة والتنمية قادر على العودة،

ولا اليسار قادر على التوحد،

ولا الأحزاب التقليدية (الاستقلال والحركة الشعبية) قادرة على قلب المعادلة.

الخريطة الحزبية اليوم تشبه حلبة بلا مقاتلين.

سبب 3: استمرار التحالف الثلاثي

لا مؤشرات على تفككه.

الأحزاب الثلاثة تستفيد من الوضع القائم، وليس لديها أي مصلحة في إسقاط الحكومة أو تغيير رئيسها.

سبب 4: هندسة سياسية تُفضّل الاستقرار على التغيير

في الأنظمة المختلطة مثل المغرب، استمرار نفس رئيس الحكومة يتماشى غالباً مع رغبة الدولة في الاستقرار المؤسساتي وتفادي المفاجآت.

هل يمكن لأخنوش الفوز رغم الغضب الشعبي؟

نعم. لأن الانتخابات في المغرب—وفق المعطيات الحالية—تُحسم عبر ثلاثة عناصر:

التحكم في الكتلة الناخبة القروية

ضعف المشاركة في المدن الكبرى

غياب منافس يمتلك “مشروعاً” أو زعامة

هذه المعطيات تُرجّح أن أخنوش قد يحصل على ولاية ثانية حتى لو بلغت موجة الغضب ذروتها.

السيناريوهات المحتملة لانتخابات 2026

السيناريو الأول (الأكثر احتمالاً): استمرار أخنوش رئيساً للحكومة

بفضل تفوق تحالف الأحرار–البام–الاستقلال، وتشتت المعارضة.

السيناريو الثاني: تغيير شكلي دون تغيير حقيقي

قد يتم استبدال الاسم، لكن ستستمر نفس الأغلبية ونفس التوجه الاقتصادي.

السيناريو الثالث (ضعيف جداً): مفاجأة انتخابية

لن يتحقق إلا إذا:

توحّد اليسار،

أو عاد جزء كبير من الجمهور إلى صناديق الاقتراع،

أو برز زعيم جديد قادر على خلق موجة سياسية غير مسبوقة.

وكل هذه السيناريوهات تبدو اليوم شبه مستحيلة.

ديمقراطية بلا منافسة و2026 يبدو أنها محسومة مسبقاً

إذا لم يحدث تحوّل سياسي كبير قبل 2026، فإن المغرب ذاهب نحو انتخابات بلا رهان، بلا منافسة، وبلا مفاجآت.

وفي هذا المشهد، يبدو أن استمرار أخنوش على رأس الحكومة سيكون نتيجة طبيعية لواقع سياسي مريض، ومعارضة فقدت القدرة على الحياة، ودولة اختارت الاستقرار على حساب التداول الفعلي على السلطة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك