أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
في مشهد بات يتكرر بوتيرة مقلقة، عرفت أسعار البيض في الأسواق المغربية خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعًا مفاجئًا، حيث بلغ ثمن البيضة الواحدة 2.5 درهم في بعض المحلات التجارية، فيما تجاوز ثمن "الكراطي" عتبة 40 درهمًا في عدد من المدن، منها الرباط، الدار البيضاء، فاس، وأكادير.
هذا التطور المفاجئ أثار استياء شريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا من ذوي الدخل المحدود، الذين يعتبرون البيض من المنتجات الأساسية في نظامهم الغذائي اليومي.
القدرة الشرائية في مهب الريح
ارتفاع سعر البيض ليس معزولًا، بل يأتي في سياق موجة غلاء شاملة، طالت جل المواد الأساسية، بما فيها الحليب، السكر، الزيت، الدقيق، والأرز، وسط غياب آليات فعالة لضبط الأسعار أو دعم مباشر للفئات المتضررة. ومع تدني الأجور وثباتها في أغلب القطاعات، تتآكل القدرة الشرائية بشكل لافت، حتى داخل الطبقة المتوسطة.
أسباب الارتفاع: إنتاج ضعيف وتكاليف متزايدة
يرجع المهنيون هذا الارتفاع في أسعار البيض إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها:
ارتفاع أسعار الأعلاف الحيوانية المستوردة، مثل الذرة والصويا.
تأثير موجات الجفاف المتلاحقة، ما أدى إلى تراجع الإنتاج الفلاحي المرتبط بتربية الدواجن.
ارتفاع تكاليف النقل والطاقة، بسبب أسعار المحروقات.
غياب دعم مباشر أو تعويضات للمنتجين الصغار، الذين يضطرون للخروج من السوق.
هذه العوامل مجتمعة أثرت على الإنتاج الوطني للبيض، ودفعت عددًا من المربين إلى تقليص عدد الدجاج البيّاض، ما أدى إلى اضطراب في العرض، في ظل طلب مستقر أو متزايد.
المواطنون: البيض أصبح من الكماليات!
في جولة داخل أسواق شعبية كـ"سوق درب السلطان" بالدار البيضاء و"سوق الثلاثاء" بالقنيطرة، عبر عدد من المواطنين عن غضبهم من هذه الزيادات المتتالية، معتبرين أن "البيض، الذي كان وجبة الفقير، أصبح شبه كمالي".
أحد المواطنين قال: "كنا نشتري كراطين بـ25 درهم، اليوم تجاوزت الأربعين، واش غادي نولّيو ناكلو خبز والماء؟".
غياب تدخل حكومي فعال
رغم أن الحكومة أعلنت، في أكثر من مناسبة، عن إجراءات لضبط الأسعار ومواجهة المضاربات، إلا أن الواقع في الأسواق يشي بعكس ذلك. فالأسعار ترتفع باستمرار، والمراقبة تبدو محدودة، إن لم تكن غائبة في بعض المناطق.
ويطالب المواطنون الحكومة بـ:
إعادة دعم المواد الأساسية بشكل مباشر.
وضع سقف للأسعار في حالات الغلاء الحاد.
دعم قطاع تربية الدواجن الوطني لتوفير العرض الكافي.
التأثير على الأمن الغذائي الوطني
مع تصاعد موجات الغلاء المتكررة، أصبح الأمن الغذائي للأسر الهشة مهددًا، حيث تراجع استهلاك البروتينات الحيوانية، ومنها البيض، لصالح أطعمة أقل كلفة وأكثر فقرا من حيث القيمة الغذائية. هذا الوضع قد يؤدي، على المدى المتوسط، إلى نتائج صحية سلبية في صفوف الأطفال والنساء الحوامل خصوصًا.
هل من أفق للانفراج؟
يرى بعض المهنيين أن الأسعار قد تعرف انفراجًا جزئيًا مع نهاية فصل الصيف، إذا ما استقرت أسعار الأعلاف وتحسنت ظروف الإنتاج. لكن بدون تدخل مباشر من الدولة لدعم السلسلة الإنتاجية ومراقبة حلقات التوزيع، فإن أسعار البيض وغيرها من المواد ستبقى رهينة للعرض والطلب والتقلبات الدولية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك