المدرسة العمومية بين يدي الملك: مشروع نهضوي لإعادة الاعتبار وتأهيل الأجيال

المدرسة العمومية بين يدي الملك: مشروع نهضوي لإعادة الاعتبار وتأهيل الأجيال
سياسة / الثلاثاء 20 مايو 2025 - 10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:وصال . ل

لم تكن المدرسة العمومية يوماً شأناً تقنياً أو قطاعياً صرفاً في رؤية الملك محمد السادس، بل مثلت حجر الزاوية في المشروع المجتمعي الحديث الذي يتبناه العاهل المغربي منذ اعتلائه العرش. هذا ما شدد عليه رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال جلسة الأسئلة الشهرية، حيث أوضح أن الرؤية الملكية لإصلاح التعليم لم تأت كرد فعل أو استجابة ظرفية، بل كخيار استراتيجي عميق ينشد تأهيل الرأسمال البشري، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية في الوصول إلى المعرفة والارتقاء.

منذ خطاب العرش سنة 1999، وضع الملك التعليم في المرتبة الثانية بعد الوحدة الترابية، ما يعكس إدراكاً عميقاً بأن الرهان الحقيقي على المستقبل يبدأ من حجرات المدرسة. هذا التوجه تُرجم في خطب لاحقة، أبرزها خطاب 2015 الذي ربط بوضوح بين إصلاح التعليم وتكوين المواطن القادر على الاندماج في سوق العمل الوطني والدولي، عبر امتلاك المعارف واللغات والتقنيات الحديثة.

وهي إشارات ملكية لم تكتف بتوصيف الوضع، بل حددت بوصلة الإصلاح التي التزمت بها الحكومة الحالية بشكل صارم.

عزيز أخنوش اعتبر أن البرنامج الحكومي ليس مجرد وثيقة تقنية بل هو تعاقد سياسي مباشر مع المواطن، ينطلق من هذا التصور الملكي. ويبدو أن الحكومة فعلاً بدأت تقطف بعض الثمار الأولية، عبر مؤشرات وصفها بالإيجابية: بدءاً من الحوار الاجتماعي الناجح داخل قطاع التربية الوطنية، مروراً بتعبئة مالية ضخمة بلغت 9.5 مليار درهم إضافية سنوياً، وصولاً إلى تحسين ملموس في وضعية رجال ونساء التعليم، ما يعكس انتقال المشروع من خانة النوايا إلى واقع التنفيذ.

الرهان الحكومي لم يتوقف عند حدود تحسين الظروف بل اتجه نحو تأهيل المدرسة كمؤسسة منتجة للفرص ومصعد اجتماعي حقيقي. إذ أن إصلاح التعليم، وفق تعبير رئيس الحكومة، لم يعد مجرد مشروع قطاعي، بل تحوّل إلى قرار سيادي يحمل أبعاداً وطنية كبرى، ويمتد ليطال مستقبل أجيال كاملة.

من هنا، يمكن فهم مضاعفة الميزانية العامة لقطاع التعليم لتصل سنة 2025 إلى أكثر من 85 مليار درهم، وهي رسالة قوية تفيد بأن المدرسة العمومية لم تعد ملحقاً مهمشاً في السياسات العمومية.

في ختام مداخلته، أبرز أخنوش أن التحدي الجوهري اليوم لا يقتصر على المناهج والميزانيات، بل يتجلى في إعادة ترميم الثقة داخل الأسرة المغربية تجاه المدرسة العمومية. ذلك أن المواطن فقد، على مدى سنوات، الثقة في مؤسسة من المفروض أن تكون بوابة الأمل، والآن، وبتوجيهات ملكية صارمة، تعمل الحكومة على إعادة بناء هذا الجسر المكسور، لعلّ الأجيال القادمة تجد في المدرسة العمومية ما لم تجده أجيال سابقة: الكرامة، الأمل، والمستقبل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك