الذكاء الاصطناعي على طاولة السياسة والبرلمان يدق ناقوس الخطر ويطالب برؤية وطنية حاسمة

الذكاء الاصطناعي على طاولة السياسة والبرلمان يدق ناقوس الخطر ويطالب برؤية وطنية حاسمة
سياسة / السبت 10 مايو 2025 - 20:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

في تحرك برلماني لافت يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الذكاء الاصطناعي وتداعياته، دعت مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول “الذكاء الاصطناعي: آفاقه وتأثيراته” التابعة لمجلس النواب، إلى ضرورة صياغة استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة تعكس خصوصية النموذج التنموي المغربي وتخدم أولوياته الوطنية. وأوصت المجموعة بضرورة إحداث هيئة استراتيجية تضطلع بتنزيل هذه الرؤية وتوجيه السياسات ذات الصلة.

وأكد التقرير الذي أعدته المجموعة على أهمية تسريع إعداد خارطة طريق موحدة، قادرة على توحيد الجهود والمبادرات المتفرقة، وترسيخ الالتقائية والانسجام بين مختلف المتدخلين والفاعلين في هذا المجال الحيوي، الذي بات يفرض نفسه كعامل أساسي في التنافسية الدولية.

وفي الجانب القانوني، شددت الوثيقة على ضرورة سن قانون إطار للذكاء الاصطناعي، يحدد المبادئ العامة والضوابط الأخلاقية لاستخدام هذه التقنيات الحديثة، مع مراعاة القيم والثوابت الوطنية، في انسجام مع المعايير الدولية. كما دعت إلى مراجعة شاملة للترسانة القانونية الحالية وتكييفها مع التحولات التقنية المتسارعة التي يعرفها العالم.

على صعيد البنية التحتية، أوصى التقرير بتعزيز القدرات الرقمية للمملكة، خاصة عبر إرساء عدالة مجالية تضمن استفادة متكافئة للمجالين القروي والحضري. كما تم التأكيد على أهمية تحفيز الإدارات العمومية والمقاولات على اعتماد حلول تكنولوجية متقدمة، كاللجوء إلى التخزين السحابي وتبادل المعطيات بين القطاعات.

وفي سياق تعزيز السيادة الرقمية، طالبت مجموعة العمل بإنشاء بنية وطنية مستقلة لتجميع وتخزين واستغلال قواعد البيانات، مع ضبط معايير الولوج إليها بما يحترم الخصوصية الفردية ويضمن الأمن السيبراني. ويرى التقرير أن هذه الخطوة أساسية لتأمين المعطيات الوطنية، وضمان استقلال القرار الرقمي المغربي.

أما في الجانب الأكاديمي، فقد تم التشديد على ضرورة إدراج الذكاء الاصطناعي ضمن أولويات البحث العلمي الوطني، مع رفع الميزانيات المخصصة له وتوجيه الابتكار نحو خلق قيمة اقتصادية واجتماعية حقيقية. كما تم اقتراح تحفيز القطاع الخاص على الانخراط في البحث والتطوير وفتح قنوات التعاون مع الجامعات والمؤسسات العلمية.

ومن ضمن أبرز النقاط التي تطرق إليها التقرير، التأكيد على أهمية استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي. وطالبت المجموعة بإعداد ميثاق وطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، يراعي الخصوصية المغربية ويضمن الأمن والسلامة، مع تشجيع تطوير التطبيقات المحلية حفاظًا على الهوية الوطنية وتعزيز السيادة الرقمية.

كما دعت المجموعة إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في السياسات والبرامج الحكومية، وتحفيز المؤسسات العمومية والجماعات الترابية على اعتماد حلول ذكية لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وفي هذا الإطار، تم التأكيد على تطوير قدرات الموارد البشرية وتكوين مجتمع علمي متخصص في الذكاء الاصطناعي بجميع مستوياته.

أما في الشق المتعلق بالعلاقات الدولية، فقد نبه التقرير إلى ضرورة بناء شراكات استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، والانفتاح على التعاون الإقليمي والدولي، مع ضمان انسجام السياسات الحكومية الوطنية مع توجهات الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030، بما يعزز مكانة المغرب في خارطة التكنولوجيا العالمية.

التقرير البرلماني لا يكتفي بتشخيص واقع الذكاء الاصطناعي بالمغرب، بل يضع أمام صناع القرار خريطة طريق شاملة تتطلب إرادة سياسية حقيقية لتنزيلها، حتى لا يتحول التأخر في هذا الورش إلى فجوة رقمية تُقصي المغرب من سباق عالمي محموم حول الريادة في تقنيات المستقبل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك