أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/إيطاليا .
أثارت وفاة الطفلة يسرى ذات التسع
سنوات في بركان، إثر سقوطها في بالوعة غير مغطاة، موجة غضب عارمة وسط الحقوقيين
والمهتمين بالشأن العام، الذين أجمعوا على أن الحادثة تعكس تقصيرًا خطيرًا من طرف
السلطات المحلية في صيانة البنية التحتية وضمان سلامة المواطنين. واعتبر العديد من
الفاعلين أن هذه الفاجعة لم تكن لتقع لو تم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة،
خصوصًا مع التحذيرات المتكررة بشأن هشاشة البنية التحتية في المدينة.
في هذا السياق، شدد الأستاذ محمد
الزهاري على أن مسؤولية الجماعة الترابية وسلطة المراقبة ثابتة، داعيًا إلى فتح
تحقيق إداري وقضائي ومحاسبة المسؤولين، فيما أكد الحقوقي محمد الفازيقي أن هذه
"كارثة إنسانية" تستوجب تحركًا فوريًا قبل وقوع كوارث أخرى. من جهته،
اعتبر الأستاذ محمد علي لطفي أن الواقعة تندرج ضمن المسؤولية المدنية الناتجة عن
الإهمال، مشيرًا إلى الفراغ القانوني الذي يجعل العديد من الحوادث المشابهة تمر
دون محاسبة أو تعويض للضحايا، ما يستوجب إصلاحات قانونية عاجلة وتحديث سياسات
السلامة العامة.
تصريحات غاضبة ومطالب بالمحاسبة :
صرح الأستاذ محمد الزهاري، "رئيس التحالف الدولي للدفاع عن
حقوق الإنسان والحريات" :
"رحم
الله الطفلة يسرى ذات التسع سنوات ببركان وخالص العزاء لوالديها وكل أفراد
عائلتها. أظن أن مسؤولية الجماعة الترابية ثابتة رفقة سلطة المراقبة، لأن صيانة
مثل هذه البالوعات وتعويضها بالسرعة اللازمة في حالة الائتلاف أو السرقة يعود إلى
المصالح المختصة بالجماعة. علمًا أن هناك عددًا من الجمعيات المدنية والمهتمين سبق
لهم أن نبهوا المسؤولين المحليين والإقليميين والسلطات المركزية إلى عدم توفر
مدينة بركان على التجهيزات اللازمة لتفادي تأثير الفيضانات في حالة حدوثها على
البنيات التحتية، ومنها قنوات المياه وخاصة منها قنوات الصرف الصحي مثل ما وقع.
هذه المأساة تستدعي فتح التحقيقات
الإدارية والقضائية اللازمة لترتيب الجزاء وتعويض أسرة الضحية على هذا الفقدان
الجلل، واتخاذ ما يكفي من الإجراءات الاستعجالية في مدينة بركان والمدن الأخرى حتى
لا نعيش رعب حالة مشابهة لا قدر الله، في ظل أحوال الطقس التي ستعرفها البلاد خلال
نهاية الأسبوع، خاصة بمدن الشمال حسب توقعات المصالح المكلفة بالأحوال الجوية."
صرح الأستاذ " محمد الفزيقي " الحقوقي البارز بالمنطقة الشرقية، والعضو بمجلس جرادة، والقيادي في حزب جبهة القوى الدمقراطية قائلاً:
"نتوجه بأحر التعازي لعائلة الطفلة يسرى
ذات التسع سنوات. الواقعة كارثة إنسانية بكل المقاييس، تعكس تقصير السلطات المحلية
في مراقبة بالوعات مياه الصرف الصحي، التي تشكل خطرًا حتى على الراشدين، فما بالك
بالأطفال. والد الطفلة نفسه سقط في البالوعة، لكنه نجا بأعجوبة، وهو ما يبرز حجم
الإهمال الذي يهدد أرواح المواطنين. يجب على السلطات التحرك بشكل استباقي لمراقبة
مثل هذه المخاطر قبل وقوع الكوارث، وليس بعد حدوثها. المطلوب هو استعداد دائم
لمواجهة التقلبات الجوية وموجات البرد والتساقطات الثلجية، بدل الاكتفاء بردود
الأفعال بعد فوات الأوان.
أما فيما يتعلق بالمسؤوليات، فإن المجلس الجماعي بركان للمنطقة التي وقعت
في النازلة تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذه الفاجعة، مما يستوجب رفع دعوى قضائية
ضدها بالمسؤولية التقصيرية باب قانون الالتزامات والعقود .
كما أن سلطات عمالة الإقليم تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، إذ كان من المفترض أن تبادر بتوجيه مراسلات للمجالس البلدية للتذكير بضرورة اتخاذ التدابير الوقائية في مثل هذه الظروف الجوية غير العادية."
صرح الأستاذ محمد علي لطفي، رئيس المنظمة الديمقراطية للشغل "ODT.
الحادث يتعلق بمسؤولية الدولة، وخاصة
الجماعات المحلية، في ضمان أمن وسلامة المواطنين. ففي البلدان الديمقراطية، تعتبر
الحوادث مثل 'جريمة بركان' و'السقوط في بالوعة غير مغلقة' مسؤولية مدنية. إذا أصيب
شخص إما بكسر أو ضرر أو وفاة فإن الأمر يتعلق بمسؤولية الأضرار (responsabilité
civile). تتحمل
السلطات المحلية أو الشركة المسؤولة عن صيانة البنية التحتية مسؤولية الأضرار
الناتجة عن الإهمال في عدم تغطية البالوعات.
ويتطلب ذلك طبعًا إثبات أن هناك
تجاهلًا للمعايير المعتمدة أو قوانين السلامة. وجب على الضحية إثبات أن تعرض الشخص
للإصابة كان نتيجة مباشرة للإهمال، وأنه كان هناك واجب على الجهة المسؤولة لتوفير
السلامة. وإذا ثبتت المسؤولية، يمكن أن يُطلب تعويض عن الأضرار. هذا قد يشمل
تكاليف العلاج الطبي، الأضرار المادية الناتجة عن الإصابة، وأي تداعيات نفسية.
في المغرب، لازلنا نعيش فراغًا قانونيًا،
وحوادث مماثلة وقعت في عدة جهات من المملكة وأصيب فيها عدة أشخاص بكسور أو عاهات
مستديمة، أو حفر في الطرقات تسببت في حوادث سير قاتلة بسبب انعدام الصيانة، لكن
غالبًا ما يتم اعتبار الحادث عرضيًا أو مسؤولية شخصية، فلا يتم التحقيق في أسباب
الحادث، ولا تعويض الضحايا لجهل أغلبية المواطنين حقوقهم في ضمان سلامتهم، فبالنسبة
لـ'جريمة بركان'، فإن وفاة الطفلة بالمسؤولية المدنية قائمة نتيجة إهمال ترك
البالوعة دون غطاء، وهو أمر خطير يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية صارمة. كما يتطلب
الحادث إجراء تحقيق رسمي من قبل الشرطة والهيئات القضائية لتشخيص ملابسات الحادث،
وتحديد المسؤوليات القانونية والمدنية، وبالتالي على أسرة الطفلة رفع دعوى قضائية
ضد السلطات المحلية أو الشركة المسؤولة عن صيانة البنية التحتية.
ففي حالتنا 'جريمة بركان'، فالإهمال
واضح، وعلى أسرة الضحية رفع دعوى أمام المحكمة للحصول على تعويض عن الخسائر
النفسية والمادية، فضلًا عن المتابعة القضائية ضد شركة الصيانة إن وجدت أو الجماعة
الترابية، مثل البلديات أو شركات المياه والصرف الصحي، بسبب الإهمال، والمطالبة
بتعويضات مالية عن الأضرار، بما في ذلك التكاليف الطبية والمعاناة النفسية.
وعلى وزارة الداخلية إعادة النظر في
السياسات العامة، وتحديث القوانين المتعلقة بضمان سلامة البنية التحتية، مثل تحسين
صيانة البالوعات، ومراجعة معايير السلامة في الطرقات التي تنجزها الجماعات المحلية
والجهات، وتحسين إجراءات الوقاية من خلال تنظيم حملات توعية وتعليم المجتمع بأهمية
الإبلاغ عن المخاطر، والعمل على تعويض كافة الضحايا بتعويضات مالية عن الأضرار،
بما في ذلك التكاليف الطبية والمعاناة النفسية."
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك