أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
منذ منتصف شهر نونبر، يسجل المغرب تسارعاً مقلقاً في حالات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية، المرتبطة بظهور سلالة فرعية جديدة من فيروس A(H3N2)، وسط غياب أي استعداد وقائي استباقي من طرف الحكومة ووزارة الصحة، رغم المؤشرات العلمية والتحذيرات الطبية التي كانت تنبئ بموجة وبائية أشد من المعتاد. هذا الارتباك أعاد إلى الواجهة سؤال المسؤولية السياسية، في وقت تُرك فيه المواطنون يواجهون المرض بإمكاناتهم الذاتية.
المعطيات الصحية تؤكد أن الفئات الهشة هي الأكثر تضرراً من هذه الموجة، وعلى رأسها كبار السن، والمصابون بأمراض مزمنة، والنساء الحوامل، والأطفال الصغار، إضافة إلى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أو المصابين بالسمنة. ورغم وضوح هذا الخطر، لم تُسجل أي حملة وطنية واسعة للتحسيس أو التلقيح المبكر، ولم تُفعل خطط استباقية لحماية المستشفيات من الضغط المتوقع، ما جعل المنظومة الصحية تدخل مرة أخرى في منطق رد الفعل بدل الوقاية.
اللقاحات المتوفرة خلال الموسم الحالي، حسب مختصين في السياسات الصحية، توفر حماية جزئية من العدوى، لكنها فعالة بشكل كبير في تفادي الحالات الخطيرة والمضاعفات. غير أن ضعف التواصل الرسمي، وتأخر توجيه المواطنين نحو الفئات ذات الأولوية، جعلا الاستفادة من هذه الحماية محدودة، في ظل غياب استراتيجية واضحة تقودها وزارة الصحة بتنسيق مع باقي القطاعات.
الإجراءات الوقائية الأساسية، مثل البقاء في المنازل عند ظهور الأعراض، واحترام قواعد النظافة، وتهوية الفضاءات المغلقة، وارتداء الكمامة عند الضرورة، بقيت بدورها مجرد توصيات معزولة، لم تتحول إلى سياسة عمومية واضحة أو حملة توعوية منظمة، ما عمّق الإحساس بالاستخفاف بصحة المواطنين.
ما يحدث اليوم يعكس فشلاً سياسياً قبل أن يكون صحياً. فالحكومة برئاسة عزيز أخنوش، ووزارة الصحة على وجه الخصوص، تتحملان مسؤولية مباشرة في عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة في الوقت المناسب، وفي ترك البلاد تواجه موجة إنفلونزا متسارعة دون تعبئة حقيقية أو خطاب مسؤول. مرة أخرى، تُدفع كلفة التأخر وسوء التدبير من صحة المغاربة، في مشهد يعيد طرح سؤال الأولويات، وحدود المحاسبة، ومعنى المسؤولية الحكومية في زمن الأزمات الصحية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك