أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
تشهد المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة تصاعداً مقلقاً في مؤشرات الاضطرابات النفسية، في سياق اجتماعي واقتصادي متوتر جعل فئات واسعة من المجتمع تعيش حالة دائمة من القلق والانفعال، مع تراجع واضح في الإحساس العام بالسعادة والطمأنينة.
ولم تعد الأمراض النفسية حالات معزولة أو مرتبطة بفئات محددة، بل تحولت إلى ظاهرة مجتمعية تطال الشباب والكهول، والموظفين والعاطلين، وسكان المدن والقرى على حد سواء.
ضغوط المعيشة وارتفاع كلفة الحياة، إلى جانب البطالة، والهشاشة، وتآكل الطبقة الوسطى، عوامل أساسية ساهمت في إنهاك التوازن النفسي للأفراد.
يضاف إلى ذلك الإيقاع السريع للحياة، وانتشار الإحباط، وضعف الثقة في المستقبل، ما خلق شعوراً عاماً بالاختناق الاجتماعي، انعكس في سلوكيات يومية يغلب عليها التوتر، والعصبية، وسرعة الغضب، وتراجع قيم التضامن والرضا.
في المقابل، لا يزال التعامل مع الصحة النفسية في المغرب يواجه إكراهات متعددة، أبرزها نقص الأطر المتخصصة، وضعف الولوج إلى العلاج، واستمرار الوصم الاجتماعي المرتبط بالاضطرابات النفسية، ما يدفع كثيرين إلى الصمت أو التعايش القسري مع معاناتهم.
هذا الواقع يجعل المجتمع في حالة تفاعل دائم مع الضغوط، دون امتلاك أدوات التفريغ أو الدعم النفسي اللازم.
وسط هذا المشهد، يبرز سؤال جوهري حول مستقبل التوازن النفسي للمغاربة، في ظل غياب سياسات عمومية قوية تعترف بالصحة النفسية كأولوية، ليس فقط كملف صحي، بل كقضية اجتماعية تمس الاستقرار، وجودة الحياة، وقدرة المجتمع على استعادة الإحساس بالسعادة والطمأنينة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك