أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
في تصعيد خطير يكشف عن الوجه العنيف للصراع حول الأراضي الفلاحية بمنطقة سيدي الكامل، نواحي مشرع بلقصيري، أدان الفرع الجهوي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بجهة الرباط سلا القنيطرة الاعتداء الجسدي الخطير الذي تعرض له الكاتب العام لنقابة الفلاحين بالمنطقة مصطفى فريخ ورفيقه الميلودي حميمة، بعد أن أقدم أحد المتسلطين على الأراضي على دهسهما عمدًا بواسطة جرار، في مشهد دموي هزّ الرأي العام المحلي، وأسفر عن إصابات بليغة للضحيتين وسحق دابتين كانتا ترافقانهما، وتخريب عربتهما بالكامل.
الحادث الذي وقع يوم الثلاثاء 12 نونبر الجاري، يُعدّ حلقة جديدة من مسلسل الاعتداءات المتكررة ضد فلاحي منطقتي “الشهادة” و“الليمونية”، والذين يخوضون منذ سنوات معركة طويلة للدفاع عن أراضٍ ظلوا يستغلونها بشكل قانوني منذ سنة 1975. هؤلاء الفلاحون، وفق بيان الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، يعيشون تحت ضغط المتابعات القضائية والاعتقالات المتكررة، في محاولات ممنهجة لنزع أراضيهم منهم وتمكين غرباء من استغلالها في ظروف “مشبوهة ومليئة بالتواطؤ”.
الفرع الجهوي للجامعة، وفي بيانه القوي، عبّر عن تضامنه المطلق مع الضحيتين وتمنياته لهما بالشفاء العاجل، محملاً المسؤولية المباشرة عن هذا الفعل الإجرامي للشخص الذي استولى على أراضي الفلاحين بذريعة كراءها من الدولة، رغم أن هذه الأراضي كانت في حيازة أسر فلاحية منذ نصف قرن. كما وجّه أصابع الاتهام إلى المديرية العامة للأملاك المخزنية، التي قامت – بحسب البيان – بكراء هذه الأراضي “فوق رؤوس مستغليها الشرعيين”، في خطوة اعتبرها النقابيون خرقًا خطيرًا يخلق “واقعًا قانونيًا مزيفًا” يستغله المتنفذون لتبرير جرائمهم ضد الفلاحين البسطاء.
الجامعة طالبت بمتابعة المعتدي قضائيًا بتهمة الشروع في القتل، مع فتح تحقيق نزيه وشامل في كل ملابسات عملية كراء الأراضي المشوبة بالشبهات، والكشف عن الجهات التي سهلت تمكين هذا الشخص من استغلال الأراضي ومياه الري التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالغرب، رغم وجود مؤشرات قوية على مخالفة القوانين والمساطر الإدارية المنظمة.
وفي موقف تضامني واضح، دعت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي جميع مناضليها ومكونات القطاع بالجهة إلى التعبير الفعلي عن دعمهم للفلاحين ضحايا الاعتداء والنهب، كما طالبت الهيئات الحقوقية والمدنية بالانخراط في معركة الدفاع عن هؤلاء الكادحين الذين يواجهون، منذ سنوات، آلة التجريد من أراضيهم ومصدر رزقهم تحت غطاء من الصمت والتواطؤ الإداري.
إن حادث دهس نقابيين فوق تراب سيدي الكامل ليس مجرد واقعة جنائية عابرة، بل ناقوس خطر جديد حول واقع الهشاشة القانونية والاجتماعية التي يعيشها الفلاح المغربي في مواجهة لوبيات الريع والسلطة. وبين جرارٍ يدهس الأجساد وقراراتٍ تُدهس فوقها حقوق الناس، يظل السؤال المؤلم مطروحًا: إلى متى سيبقى الفلاح المغربي وحيدًا في مواجهة من ينهب أرضه ويعتدي على كرامته؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك