أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي
في مشهد وصفه مراقبون بالتحول
الجيوسياسي الكبير، تستعد القوات الفرنسية اليوم الخميس 17 يوليو لمغادرة السنغال
بشكل نهائي، منهية بذلك تواجدًا عسكريًا دام 65 عامًا، وتسليم آخر قواعدها في
العاصمة داكار للسلطات السنغالية، في خطوة تعتبر لحظة تاريخية فارقة في علاقة
باريس بإحدى أهم مستعمراتها السابقة في غرب إفريقيا.
صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية وصفت
الحدث بأنه "طيّ لصفحة طويلة من النفوذ العسكري الفرنسي"، مؤكدة أن
مراسم التسليم في داكار لا تمثل فقط انسحابًا لوجستيًا، بل إنها إشارة رمزية
لمرحلة جديدة تتسم بإعادة رسم التوازنات السياسية والعسكرية في غرب القارة، في ظل
ما يشبه موجة تحرر إقليمي من الهيمنة الفرنسية التقليدية.
الانسحاب من السنغال يأتي ضمن انسحاب
أشمل لفرنسا من غرب ووسط إفريقيا، بعد أن بات وجودها العسكري محل رفض متصاعد في
عدة دول أفريقية، لا سيما في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث واجهت باريس رفضًا
شعبيًا صريحًا واتهامات بالوصاية السياسية والتدخل في الشؤون السيادية للدول.
بعكس سيناريوهات الطرد المفاجئ الذي
شهدته بعض الدول، جرى الانسحاب من السنغال ضمن اتفاق توافقي يحفظ ماء وجه فرنسا
ويؤمّن انتقالًا سلسًا للسيادة الكاملة على المواقع العسكرية، وهو ما يعكس نضجًا
دبلوماسيًا من الطرفين، في وقت يزداد فيه التوجّه الإفريقي نحو شراكات جديدة مع
قوى مثل روسيا وتركيا والصين.
اللحظة ليست فقط نهاية لوجود جنود على
أرض السنغال، بل هي إعلان عن أفول مرحلة نفوذ عسكري فرنسي كانت تستتر خلف شعارات
الحماية والتعاون، فيما يراها الكثير من الأفارقة اليوم امتدادًا لحقبة استعمارية
طال أمدها، وآن أوان دفنها دون رجعة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك