أنتلجنسيا المغرب:الربان
يشهد المجال الغابوي في الأطلس المتوسط تدهورًا متسارعًا ينذر بعواقب بيئية وخيمة على المدى القريب والمتوسط، في ظل تكرار سنوات الجفاف واشتداد تأثيرات التغير المناخي. ويُحذّر خبراء البيئة من أن هذه المنطقة الغنية بثرواتها الطبيعية قد تتحول إلى فضاء شبه صحراوي خلال الثلاثين سنة القادمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
جفاف متكرر يضرب عمق الغابات
عرفت مناطق الأطلس المتوسط خلال العقدين الأخيرين تراجعًا مقلقًا في التساقطات المطرية، حيث باتت سنوات الجفاف أكثر تواترًا وحدة، ما أثر سلبًا على الغطاء النباتي، خصوصًا الأشجار المعمّرة كالأرز والبلوط الأخضر. وقد سُجلت في بعض المناطق انخفاضات مهولة في مستوى المياه الجوفية، واختفاء بعض العيون والينابيع التي كانت تشكل شرايين الحياة للنظم البيئية المحلية.
تقلص المساحات الخضراء وفقدان التنوع البيولوجي
أدى تراجع الغطاء النباتي إلى فقدان العديد من الأصناف الحيوانية لموائلها الطبيعية، مثل القرد البربري، والثعلب الأحمر، والعديد من الطيور الجبلية النادرة. كما تعرضت التربة لتعرية متزايدة بسبب غياب الغطاء الشجري، وهو ما يعمق هشاشتها ويجعلها أكثر عرضة للانجراف والتصحر.
نشاط بشري يزيد الوضع تفاقما
إلى جانب العوامل المناخية، فإن التدخلات البشرية غير المستدامة، كالرعي الجائر، وقطع الأشجار للتدفئة أو البناء، وعدم احترام دورات الاستغلال الغابوي، ساهمت بشكل كبير في استنزاف الغطاء الغابوي. ورغم المجهودات التي تبذلها السلطات من خلال برامج التشجير والمراقبة، فإن حجم التحديات يفوق بكثير إمكانيات التدخل الظرفي.
الأطلس المتوسط على أبواب تحولات بيئية كبرى
إذا استمرت المؤشرات الحالية دون تدخل استراتيجي شامل، فإن الأطلس المتوسط قد يعرف تحولًا تدريجيًا نحو بيئة شبه قاحلة، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات على الزراعة، والماء، والاقتصاد المحلي، وحتى على نمط عيش الساكنة الجبلية. وتتحدث بعض الدراسات عن احتمال فقدان ما يزيد عن 60% من المساحة الغابوية الحالية في أفق 2055.
دعوات لتعبئة شاملة
أمام هذا الوضع، ترتفع أصوات الباحثين والناشطين البيئيين للمطالبة بسياسات غابوية أكثر صرامة ونجاعة، تشمل توسيع المساحات المحمية، وتفعيل برامج لإعادة التأهيل البيئي، وتشجيع الفلاحة المستدامة، إلى جانب حملات توعية لساكنة المناطق الجبلية حول أهمية المحافظة على الغابات كحائط صد طبيعي في وجه التصحر.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك