أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/إيطاليا
يستمر الجدل والغضب الشعبي حول ما
تبثه القناتان الأولى والثانية خلال شهر رمضان، حيث اعتبر العديد من المشاهدين أن
المحتوى الدرامي لهذا العام يتجاوز مجرد الترفيه إلى تقديم رسائل تهدد توازن
المجتمع، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بموجة من الانتقادات بعد عرض مشاهد تظهر
فيها النساء وهن يصفعن الرجال ويذللنهم، بينما يتقبل الرجل الإهانة بصمت وانكسار.
مشاهد أخرى صورت المرأة وهي تمارس
مهنًا تقليدية حكرًا على الرجال مثل الذبح والسلخ وبيع الأبقار، في حين تم تصوير
الرجل وهو يغسل الصحون ويقوم بالأعمال المنزلية، في محاولة واضحة لقلب الأدوار
المجتمعية بشكل فجّ لا يخدم أي هدف فني أو ثقافي واضح.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تعدّاه
إلى مشاهد اعتبرها المتابعون خادشة للحياء، حيث تساءل الكثيرون كيف يمكن تمويل مثل
هذه الإنتاجات من المال العام تحت مبرر دعم الثقافة والفن. فبدل تقديم محتوى يرتقي
بالذوق العام ويعكس القيم الأصيلة للمجتمع المغربي، باتت القنوات الرسمية تُغرق
المشاهد في سيناريوهات تفتقد للرسائل الهادفة، وتعرض صورًا مشوهة عن الرجل
والمرأة، مما دفع البعض إلى التساؤل: "أي ثقافة يُراد الترويج لها؟.
كما أن العديد من النقاد اعتبروا أن
هذه الإنتاجات لا تعكس واقع الأسرة المغربية، بل تشوّه صورة المرأة وتجعلها تظهر
في أدوار لا تضيف شيئًا لمسيرة نضالها من أجل المساواة، بل على العكس، تجعلها تبدو
كطرف متسلّط يفرض هيمنته على الرجل بطرق غير لائقة، وهو أمر لا يخدم قضاياها
الحقيقية.
أما الرجل، فقد تم تهميش دوره إلى حد
السخرية منه، مما يرسّخ صورة مشوّهة عن الأسرة المغربية التي تقوم في الأصل على
التوازن والتكامل وليس على الصراع بين الجنسين.
أمام هذا الغضب المتزايد، يطالب الكثيرون بإعادة النظر في معايير إنتاج وتمويل الدراما الرمضانية، وإخضاعها لرقابة مجتمعية تحترم هوية المغاربة وقيمهم الأخلاقية والثقافية. فالإبداع الفني لا يعني المساس بتقاليد المجتمع وتشويه نماذجه الأسرية، بل يتطلب تقديم محتوى يعكس الواقع بمصداقية دون تحريف أو مبالغة، وما يحدث اليوم ليس مجرد دراما تلفزيونية، بل هو محاولة لتطبيع تصورات دخيلة تسعى إلى إعادة تشكيل الأدوار الأسرية والاجتماعية بطريقة تتعارض مع الواقع المغربي.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستستجيب الجهات المسؤولة لهذا الرفض الشعبي المتزايد، أم أن دراما رمضان ستستمر في تقديم محتوى يثير الجدل بدل أن يكون وسيلة لترسيخ قيم إيجابية؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك