
بقلم: مصطفى شكري
في هذا الوطن
الذي صار كالسفينة المثقوبة في بحرٍ من الكذب، تقف حكومة المنافقين كربّانٍ أعمى
لا يرى سوى مصالحه، يبتسم للكاميرات وهو يعلم أن السفينة تغرق، ويقول للشعب
"كل شيء بخير" بينما لا شيء بخير.
عزيز أخنوش،
لقد تحولت
حكومتك إلى مرآةٍ مشروخة لا تعكس إلا زيف الشعارات. وعدتم بالإصلاح فصنعتم الخراب.
وعدتم بالكرامة فصارت الإهانة منهجًا إداريًا. وعدتم بالعدالة فزرعتم اللامساواة
في كل حيّ وكل مؤسسة.
نعم، الشعب
صبر - لكنه لم يصمت عن وعي، بل عن قهرٍ.
الشباب لم
يهاجر حبًّا في البحر، بل هروبًا من غرقٍ اسمه الوطن.
الأساتذة لم
يحتجوا من أجل الأجرة فقط، بل من أجل الكرامة التي دهستها أقدام التعنت الوزاري.
والفقراء لم
يمدوا أيديهم، بل مدّوها بعد أن أُغلقت في وجوههم كل الأبواب، إلا باب الذلّ.
لقد وعدتم بمغربٍ
جديد، فإذا به يصبح نسخةً رديئة من الأمس.
رفعتم شعار
"الدولة الاجتماعية"، لكنّ سياستكم لم تكن سوى خصخصة كل شيء: التعليم،
الصحة، حتى الأمل بعتموه في صفقات التمويل والديون.
كل شيء عندكم يُباع، إلا الصدق — لأنه مفقود من الأساس.
يا رئيس
الحكومة،
لقد جعلتم من
السياسة تجارةً، ومن المواطن رقماً، ومن الوطن سوقاً.
وأنتم تتحدثون
عن "الاستقرار"، نعرف جيدًا أن الاستقرار عندكم هو السكوت عن الظلم، وأن
الأمن عندكم هو الخوف من الكلام.
لكن من قال إن
السكوت استقرار؟ ومن قال إن الخوف وطن؟
إن حكومة
المنافقين اليوم ليست مجرد حكومة فاشلة — بل هي نظام من التزييف المنظّم،
نظام يعيش على
الخطابات، ويُخدّر الناس بالوعود، ويُكمّم الصحافة حتى لا تُكشف الحقائق.
صحفيون
يُحاكمون لأنهم كتبوا، ومواطنون يُستدعون لأنهم احتجوا، ووزراء يتباهون بإنجازاتٍ
لا يراها إلا إعلامهم الرسمي.
تتحدثون عن
الحرية، لكنكم تخافون من الكلمة.
تتحدثون عن
الديمقراطية، لكنكم تقتلونها يومياً بالزبونية والولاء الأعمى.
تتحدثون عن
“الكرامة”، وأنتم تتركون المواطن في المستشفى يموت بلا دواء، وفي المدرسة يتعلم
بلا أستاذ، وفي الشارع يبحث عن وطنٍ بين أوراق القمامة.
لقد أصبح
المغرب في عهدكم بلداً للأغنياء فقط.
تُغدقون
الامتيازات على الشركات الكبرى، وتتركون المقاولين الصغار يُفلسون.
تُموّلون
المهرجانات الباذخة، بينما القرى لا تصلها حافلة ولا طبيب.
وتتحدثون عن
“نموذج تنموي جديد” بينما الواقع يصرخ أنكم لم تبنوا نموذجاً بل نظاماً للنهب
المنظّم.
يا حكومة
المنافقين،
إن المواطن
المغربي لم يعد يؤمن بخطبكم المكرّرة.
لم يعد ينتظر
منكم صدقة، بل ينتظر لحظة خلاص.
لقد فهم أن
الإصلاح لن يأتي من فوق، لأن من فوق لا يرى إلا نفسه.
وفهم أن
الحرية لا تُعطى، بل تُنتزع انتزاعاً.
نحن جيلٌ لم
نعد نخاف.
جيل يقرأ
ويفهم، يرى كل شيء رغم الجدران الحديدية للإعلام الرسمي.
جيلٌ يعرف أن
من ينهب الوطن لا يمكن أن يحرره، وأن من يخاف من الكلمة لا يمكن أن يصنع مستقبلاً.
اليوم نقولها
بلا تردد: الحرية أو الموت.
ليست شعاراً
رومانسياً ولا ثورة كلامية، بل موقف وجودي.
من يعيش بلا
حرية، كمن يموت وهو يتنفس.
من يقبل الذلّ
خوفاً من العقوبة، فقد مات قبل أن يُدفن.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك