
بقلم : مصطفى الرميد/وزير عدل سابق
يبدو واضحا ان
المنظومة الصحية تعاني من اختلالات جسيمة،
بالرغم من الجهود المبدولة ، مما جعلها في مواجهة احتجاجات عارمة.
ان هذه
الاحتجاجات الشعبية عبر ربوع المملكة ،ضد الخصاصات المتعددة ، وضعف الحكامة ، وسوء
التسيير ، خاصة في المستشفيات العمومية،
تستدعي من المسؤولين، رسم خارطة طريق لاصلاحها، بشكل شامل وعميق، بعيدا عن
الاصلاحات السطحية والمحدودة ،والتي لاتعدو ان تكون (بريكولاجًا)، لا اكثر.
ان الامر يحتاج الى وضع اهداف محددة، ورصد
الامكانات اللازمة لتحقيقها، وانجاز تعاقدات بين الإدارة المركزية ، والجهوية ، مع
جميع الوحدات الاستشفائية ،عبر ربوع المملكة، لتحقيق تلك الاهداف ، وانجاز تتبع مستمر، ومحاسبة دائمة.
وفي هذا السياق، استحضر ما كنا قد اعتمدناه في
وزارة العدل والحريات، بين سنتي: 2012و2016، حيث قمنا بوضع معايير دقيقة لتصنيف
المحاكم، الى محاكم في اللائحة الخضراء، واخرى في اللائحة الصفراء، واخرى في
اللائحة الرمادية، والأخيرة في اللائحة
السوداء، وقمنا بناء على ذلك بالتدخلات الضرورية.
ان الامر هنا
يتطلب تمكين الوحدات الاستشفائية من كل الوسائل اللازمة، لانتاج الخدمات الصحية
بالجودة المطلوبة ، بدء من البنايات ،من حيث صلاحيتها لتقديم الخدمات الصحية الجيدة
(جيدة او متوسطة الجودة او غير لائقة )، وهو مايستتبعه القيام باصلاحها، لتصبح
صالحة لاداء الخدمة الصحية على الوجه الاحسن، وذلك وفق معايير دقيقة.
ثم النظر في
الاطر الطبية، و الشبه طبية ، من حيث العدد والتاهيل، لتمكين الوحدة الصحية من
العدد الملائم، تبعا للمعدل الوطني.
ثم تحديد
الحاجيات اللوجيستكية، والدوائية، وفق معايير مضبوطة ودقيقة.
وفي مقابل
ذلك، لابد من دفتر تحملات( ميثاق)
تقدم بموجبه الوحدات الصحية المعنية خدماتها ،وفق المعايير المعترف بها، وبناء على ذلك، يتم
تحديدمستوى اداء الخدمات المتعددة وتصنيف
المؤسسات الاستشفائية، في اللوائح اللونية المذكورة.
ان هذه التصنيفات ، ليست هدفا في حد ذاته، بل ان
الهدف هو تمكين كافة المتدخلين من معرفة مستوى اداء كل مستشفى بكافة مكوناته،
ودراسة اسباب تخلف اي مستشفى عن الرقي الى مستوى اللون الاخضر.
وقد يتعلق
الامر بمحدودية الموارد البشرية، او الوسائل اللوجيستيكية، وهذه مسؤولية الادارة
المركزية والجهوية، او يتعلق بسوء حكامة وتدبير، وهو مايتطلب تجديد المسؤولين عن
تدبير تلك الوحدات.
ان التتبع
اليومي لِلَوحة القيادة، وانجاز تواصلات مستمرة، للوقوف على الخصاصات والاشكالات ،
لايغني عن الزيارات الميدانية الممنهجة، فضلا عن الزيارات التفقدية الفجائية، لوضع
حد للتسيب الذي يشتكي منه عموم المواطنين والمواطنات.
وفي هذ
السياق، من الضروري، التاكيد على وجوب تمكين الاطر الطبية،والشبه طبية، العاملة
بالوحدات الاستشفائية العمومية، من كافة
التحفيزات المادية والمعنوية اللازمة، التي تجعلهم يخصصون اوقاتهم وجهودهم، للوفاء بالتزاماتهم المهنية العمومية، مع
المحاسبة المسؤولة لكل اخلال بهذه
الالتزامات، بالاشتغال بالقطاع الخاص، كما
هو واقع اليوم، في كثير من الأحيان.
لقد قيل
قديما، ان الرجل هو الاسلوب، ولذلك على رئيس الحكومة ( اي رئيس ) ان يتعاقد مع الوزير المعني( اي وزير) على الاهداف
الاصلاحية الضرورية، ويجري تتبعا دائما لنتائج عمله.
كما على الوزير ان يعمل ليلا ونهارا، على تحقيق
التزاماته، وان لا ينتظر اشتعال الحرائق هنا أو هناك، ليبدأ في رحلات دانكوشيطية
للقيام بعملية الإطفاء.
مغرب اليوم
والغد، يستحق رجالا ونساء ذوو رؤى اصلاحية، وعزائم فولادية، يحسبون الساعات
والدقائق ، وليس اشخاصا تائهين، لافرق عندهم بين اليوم والامس، ولابين الغد
واليوم، المهم عندهم ان يكونوا مسؤولين من درجة وزراء.
وكفى.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك