بقلم:محمد الدرويش الفاعل الاكاديمي و السياسي ورئيس اتحاد نقابات التعليم العالي بدول المغرب العربي
يتابع الرأي العام الوطني و الدولي باهتمام بالغ ، و تتبع دقيق للمبادرة التشريعية التي تقدم بها النائب الجمهوري جو ويلسون إلى الكونكريس الأمريكي إذ وضع مشروع قانون يوم 26 يونيو 2025 بمكاتب لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ، تصنف بموجبه جبهة البوليساريو " منظمةً إرهابيةً " ، و قد وافق و وقع على المشروع هذا النائب البرلماني جيمي بانيتا عن الحزب الديمقراطي ، و لا بد من الاشارة هنا إلى أن هاته المبادرة التشريعية جمعت برلمانيين ينتميان إلى الحزب الجمهوري و الحزب الديمقراطي ، في مبادرة قلما يحصل أن يجتمع الحزبان في مبادرات تشريعية ، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بالقضايا الأمنية القومية و بسياسات أمريكا الخارجية ؛ و لا بد من الاشارة كذلك إلى أن طرح أمر جعل البوليساريو " منظمةً إرهابيةً " يستند في الدفع به إلى مجموعة من المعطيات ، و الأحداث ، و الوثائق التي تجمع و تؤكد على النزعات الارهابية للجبهة و تدعم هاته الأطروحة نذكر منها :
أولاً / هجوم ميليشياتها يوم الجمعة 27 يونيو 2025 بإطلاق خمسة مقذوفات سقطت قرب مدرسة و ثكنة تابعة لبعثة المينورسو بمدينة السمارة ، و قد أكدت الجبهة نفسها في بيان لها تبني هذا الهجوم الهمجي و استمرارها في فعل ذلك .
ثانيا / هجوم الجبهة يومي 28 و 29 أكتوبر 2024 على مدينة السمارة .
ثالثاً / هجوم الجبهة على مدينة المحبس يوم 10 نونبر 2024
رابعاً / هجوم الكركرات و ما تلاه من رد مغربي حازم أمن المنطقة بصفة نهائية.
خامسا ً / عمليات اختطاف متطوعين إسبان في الأعمال الإنسانية في منطقة تقع بين نواديبو و نواكشوط على يد المسمى " عمر الصحراوي "
سادساً / اختطاف أوربيين من قلب الرابوني في اكتوبر 2011 .
سابعا / ثبوت مسؤولية البوليساريو كاملةً في اختطاف و قتل مدنيين من أمريكا و فرنسا و إسبانيا سنوات السبعينات .
ثامناً / وجود الجبهة على أرضية خصبة ، مشجعة ، و مولدة ، و مدعمة ، و مؤطرة للعمل الارهابي المنظم و غير المنظم ، و ارتباطها بنظام جزائري حاضن للانفصال و مغديه في سياق إقليمي مرتبط بالساحل ، و متقاطع مع جماعات الجريمة العابرة للحدود و تنظيماتها الارهابية .
تاسعاً / تنامي الجرائم في مخيمات العار بتيندوف ، و التي تتناقلها من حين لآخر وسائل التواصل الاجتماعي.
هاته فقط بعض الاحداث ، و الوقائع ، و المعطيات التي تؤيد و تدعم اطروحة اعتبار جبهة البوليساريو " منظمةً إرهابيةً" ، و لعل الرأي العام الوطني و الدولي يسجل منذ سنة 2007 على الأقل اختراق مجموعات إرهابية مخيمات تندوف موازاةً مع الإعلان عن نشأة القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي ، و إنشاء إمارة الصحراء مع كتيبتي المرابطين و طارق بن زياد بقيادة المختار بلمختار و ابي زيد ، مما أدى إلى انتشار عناصر حركة التوحيد و الجهاد في منطقة الصحراء الكبرى ( جنوب الجزائر و شمال مالي و غرب النيجر ) .
كل ذلك و قضايا أخرى يجرنا إلى تجديد التذكير بأن جبهة البوليساريو :
@ تحتضنها الدولة الجزائرية بتندوف ، حيث يعمل النظام الجزائري على جعل هاته المنطقة مجمعاً لمجموعة من العناصر الارهابية ، و ماكينةً لصناعة الجهاديين و تأطيرهم ، و دعمهم ، و تخديرهم ، و غسل أدمغتهم حتى .
@ يتلقى عناصرها تدريبات عسكرية يؤطّرها مجموعة من الضباط من الجزائر و من حزب الله و من ايران لسنوات في مخيمات العار بتندوف ، و يعلمونهم استخدام الأسلحة بمختلف أنواعها منها الطائرات المسيرة إيرانية الصنع و المنشإ في مجموعة من الهجمات على حدود في الجنوب المغربي .
@ تسلمها لمجموعة من الأسلحة من نوع صام 9 و صام 11 و غيرها من قبل النظام الإيراني و حزب الله ، مع إقدام خبراء متفجرات مع عسكريين من هاته الجهات - منذ سنة 2017 على الاقل - على تأطير بعض عناصر البوليساريو و تكوينهم ليصيروا عناصر كومندو عمليات إرهابية و حرب عصابات و حرب الشوارع .
لكل ذلك نعتقد أن المبادرة التشريعية للنائبين البرلمانيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مبادرة تستحق كل التشجيع و التنويه و الدعاية الايجابية حتى يتم وضع حد للعمليات الارهابية ، و تكون لذلك آثار على المنطقة ، و بذلك نكون امام الضربة القاضية لجبهة البوليساريو غير الشرعية و لأبيها غير الشرعي الذي يسخرها لخدمة أجندته الداخلية و الخارجية في المنطقة المغاربية و الساحل ، و في مجموعة من الدول و المؤسسات الدولية ، و يتم اجتثاث منابع العمليات الارهابية أينما كانت و صادرة عن أي جهة كانت .
و نعتقد أن المجتمع الدولي تأكد اليوم - بكل قاراته و الاغلبية المطلقة لدولها - أن النظام الجزائري طرف أساس في النزاع المفتعل بينها و بين جارتها المملكة المغربية ، و انه هو الراعي الرسمي لجبهة البوليساريو و هو الداعم أرضاً و مالاً و إمكانات مادية و لوجيستيكية و دعايةً و حملات إعلامية بدعوى " الدفاع عن حقوق المستضعفين و المقهورين " و " ذوي الحقوق " ناسياً أو متناسياً طبعاً ان أغلب مستوطني تندوف اليوم ليسوا مغاربة و لا تربطهم أي علاقة بالمغرب ، فاغلبهم أطفال استقدموا من مناطق أخرى ، و كبروا بتندوف ، و تم تأطيرهم ، و غسل أدمغتهم ، و تجنيدهم ضد بلد لا يعرفونه و لا علاقة لهم به أصلاً ، فالنظام استغل بدايةً ابناء الوطن الذين غرر بهم في بداية سبعينيات القرن الماضي حين احتضنهم النظام الليبي ذاك الزمن و انضمت له أنظمة الجزائر - طبعاً - الذي لم يقرر بعد التخلي عن هذا الملف المصنوع صنعاً - و نظام جنوب أفريقيا ، و ايران، و مجموعة من أنظمة دول افريقيا ، و أمريكا الجنوبية ، و التي راجعت مجموعة كبيرة منها مواقفها خلال السنوات الأخيرة باستثناء النظام الجزائري الذي يجعل من المغرب محور سياسته الداخلية و الخارجية مع الأسف .
و نعود لمسارات نجاحات المغرب في دفاعه عن وحدته الترابية
بتنوع بدبلوماسية المملكة بقيادة الملك محمد السادس الذي يدبر هذا الملف برزانة و عقلانية و حكمة و توازن بين مختلف الأطراف - على الاتفاق و الاختلاف - مما جعل المغرب منذ قرار جلالته العودة إلى هياكل الاتحاد الإفريقي يغير موازين القوى و مواقع القرارات في العلاقات الأفريقية و كذا في نظرة و مواقف مجموعة من الدول ، و انضاف ذلك كله إلى مقتضيات الجولات و الرحلات المكوكية التي قادت الملك محمد السادس إلى مجموعة كبيرة من دول أفريقيا الشقيقة و الصديقة دبلوماسياً و اقتصادياً و تربوياً و ثقافياً واجتماعياً، و يتم متابعة كل هاته النجاحات بما يتم تحقيقه رياضياً ، و لا بد كذلك من الإشادة بمجهودات وزارة الخارجية و كذا المؤسسات الدستورية حكومةً و برلماناً و البعض القليل من الاحزاب السياسية و فعاليات المجتمع المدني في ما يتم تحقيقه و النجاحات المحققة بخصوصه ، كما لا يفوتنا التنويه بقرارات مجموعة من الدول الشقيقة و الصديقة و الحليفة من أفريقيا و امريكا و أوروبا و آسيا و التي جددت او انخرطت بوضوح تام في الدفاع عن الترابية بعيون مغربية ، و ما ينتج عنه من ثقة متجددة في المغرب و نظامه و فرص الاستثمار فيه ، و كونه منطقةً متوسطيةً و أطلسيةً و صحراويةً آمنةً تشكل نقط تواصل بين كل القارات بمنطق رابح رابح .
من أجل كل ذلك نوجّه نداءً للأمم المتحدة بالعمل على الطي النهائي لهاته الأزمة المفتعلة و التي عمرت لعقود ، في ظروف تتوفر فيها اليوم كل شروط إنهاء هاته الأزمة حتى تنعم المنطقة المغاربية باستقرار تام و توفر كل ظروف الحياة الكريمة و العدالة الاجتماعية و فرص الشغل و تبادل الخبرات و التجارب و التنقل الحر فيها .
و ختاماً أتوقع شخصياً ان تكون احتفالات المغاربة بذكرى المسيرة الخضراء المقبلة حاملةً لمفاجآت سارة للمغرب و لكل شعوب المنطقة .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك