قضيتا الراضي والخلوقي: تساؤلات مشروعة في ضوء الممارسات القضائية

قضيتا الراضي والخلوقي: تساؤلات مشروعة في ضوء الممارسات القضائية
مقالات رأي / السبت 31 مايو 2025 - 17:00 / لا توجد تعليقات:

بقلم:خالد أوباعمر

في مغرب ما بعد دستور 2011، حيث تَصاعدت المطالب بإرساء قضاء مستقل وفعال، تبرز بين الفينة والأخرى ملفات قضائية تلفت الانتباه، لا لأنها تمس مصداقية القضاء، ولكن لأنها تطرح تساؤلات مشروعة حول مدى فعالية المساطر القانونية وتكافؤ الفرص أمام القانون.

من بين هذه القضايا، تستوقفنا قضيتي البرلماني السابق عن حزب الاتحاد الدستوري، إدريس الراضي، ورئيس المجلس الإقليمي السابق لسيدي سليمان، عبد الواحد الخلوقي، كنموذجين يعكسان تعقيدات التوفيق بين قرارات العدالة وضمانات الحرية الفردية.

في الملف المتعلق بإدريس الراضي، أحد الوجوه السياسية البارزة بمنطقة الغرب، صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان يقضي بإدانته رفقة شقيقه وعدد من الموظفين بعقوبات سالبة للحرية في سياق تهم تتعلق بالتزوير واستغلال النفوذ وتفويت أراضي الدولةالحكم يُشكل رسالة واضحة على أن القضاء يضطلع بدوره في التصدي لكل ما من شأنه أن يمس بالمصلحة العامة، وهو ما يستحق التنويه.

وتجدر الإشارة إلى أن تحريك هذه المتابعة تم بموجب شكاية مباشرة تقدمت بها وزارة الداخلية، وهو إجراء استثنائي يعكس حرص الجهات العليا على تفعيل آليات الرقابة وحماية المال العامغير أن الملف يثير في أوساط المتابعين تساؤلات حول بعض الترتيبات الإجرائية، خاصة في ما يتعلق بعدم اتخاذ تدابير احترازية مثل سحب جواز السفر أو وضع المتهم تحت المراقبة القضائية، رغم طبيعة الأفعال موضوع المتابعة.

وتزداد هذه التساؤلات وجاهة حين نستحضر ملف عبد الواحد الخلوقي، الذي غادر التراب الوطني قبل صدور حكم نهائي في حقه عن محكمة النقض، قضى بعشر سنوات حبسا نافذاالمعطى اللافت هنا أن غياب قرار قضائي بمنعه من السفر قبل صدور الحكم أتاح له المغادرة، وهو ما يُعيد إلى السطح النقاش حول كيفية تدبير مثل هذه القضايا التي تهم شخصيات لها وزن محلي أو وطني.

إن مبدأ البراءة المفترضة يظل حجر الزاوية في كل محاكمة عادلة، كما أن القضاء وحده هو المخول بتقدير ملاءمة اتخاذ تدابير احترازية من عدمهالكن في قضايا ذات حساسية سياسية أو اجتماعية، قد يكون من المفيد التفكير في تعزيز الآليات القانونية التي تضمن تنفيذ الأحكام وتُقلص من هامش التأويل أو الشك في صرامة الدولة في تطبيق القانون.

ويزداد الجدل عندما تتداول بعض المنابر الإعلامية أخبارًا عن احتمال تقديم طلب لجوء سياسي من طرف أحد المعنيين، وهو أمر، إن تأكد، ستكون له تبعات حقوقية وسياسية، خاصة على صورة البلاد في الخارجلذلك، فإن الوقاية خير من العلاج، والمساطر الاستباقية تُعد من أدوات حماية الثقة في مؤسسات الدولة، وفي صدارتها المؤسسة القضائية.

إن معالجة مثل هذه الملفات لا يجب أن تُفهم باعتبارها انتقاداً للأحكام الصادرة، بل دعوة لتعزيز آليات الإنصاف، وضمان عدم إفلات أي متابع من المساءلة، سواء تعلق الأمر بفاعل سياسي، أو منتخب، أو موظف عمومي، خصوصا في سياق وطني يتطلع فيه المغاربة إلى عدالة فعالة ومتوازنة.

ما بين تأكيد استقلالية القضاء، واحترام ضمانات الدفاع، والحاجة إلى صيانة هيبة العدالة، تبرز ضرورة تطوير مقاربة متكاملة تنسجم فيها المؤسسات، وتتكامل فيها الأدوار، في إطار سيادة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبةإنها مسؤولية الجميع، أفراداً ومؤسسات، من أجل تعزيز الثقة في العدالة وتحصينها من كل لبس أو تأويل.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك