بقلم:سمير بوزيد
الكاتب العام لمركز
عدالة لحقوق الإنسان
تمر بلادنا اليوم في مرحلة دقيقة تتطلب منا
الوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن حرية الصحافة واستقلال القضاء، وحرية العمل الجمعوي
وحقوق الإنسان. بادئ ذي بدء، أُعلن تضامني الكامل واللامشروط مع الأخ والصديق حميد
المهداوي، الصحفي المستقل الذي يواجه محنة تعكس تحديات جسيمة تهدد حرية التعبير
واستقلال القضاء.
وفضلاً عن ذلك، أؤكد دعمي الكامل للعصبة
المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تتعرض لمحاولات تضييق حرية التنظيم والعمل
الحقوقي.
مما لا شك فيه أن المتابعة القضائية التي
يواجهها حميد المهداوي، والتي جاءت إثر شكاوى وزير العدل، تكشف عن تدخل سياسي في
استقلال القضاء وتحويله إلى أداة للضغط على صحفي كشف ملفات فساد. وتجدر الإشارة
إلى أن هذا التداخل بين السلطتين التنفيذية والقضائية يشكل تهديدًا مباشرًا لمبدأ
الفصل بين السلطات، ويقوض حرية التعبير التي يكفلها الدستور المغربي.
ولا مناص من القول إن هذه القضية ليست
نزاعًا فرديًا، بل أصبحت تهديدًا واضحًا لحق المجتمع في إعلام حر ومستقل. استمرار
التضييق على حرية الصحافة يضعف مؤسسات الدولة ويعرقل مسيرة الديمقراطية والتنمية.
وقد أدانت منظمات حقوقية دولية مثل "مراسلون بلا حدود"، و"هيومن
رايتس ووتش"، و"العفو الدولية" هذه المتابعات، معتبرة إياها
استخدامًا تعسفيًا للقانون ضد صحفيين شجعان.
استنادًا إلى ما سبق، أؤكد تضامني الكامل
مع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأشدد على ضرورة التزام السلطات
بالقانون الوطني والمواثيق الدولية، وتمكين الجمعيات من ممارسة حقها المشروع في
التنظيم بحرية تامة ودون أي عرقلة أو تمييز.
يكفل الدستور المغربي في المادة 29 حرية
تأسيس الجمعيات وتنظيمها، كما يؤكد على احترام سيادة القانون كمبدأ أساسي لدولة
الحق والمؤسسات. وتنص هذه المادة على أن أي تسييس للإدارة أو تعطيل لتطبيق القانون
يعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ المساواة أمام القانون، كما نص عليه الفصل السادس من
الدستور.
في مستهل الحديث، يضمن الدستور المغربي في
مادته 25 حرية الفكر والرأي والتعبير، وفي المادة 28 حرية الصحافة دون رقابة
قبلية، مع ضمان استقلالية الإعلام.
ولتوضيح ذلك، ينظم قانون الصحافة والنشر
حرية الإعلام، رغم وجود بعض القيود التي يجب مراجعتها لضمان حماية أوسع للصحفيين.
وفي نفس الصدد، يؤكد الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق كل فرد في حرية
التعبير، مع إمكانية فرض قيود محدودة لحماية الأمن والنظام العام، بما لا يهدد
جوهر هذه الحرية.
وبناءً على ذلك، أدعو السلطات القضائية إلى
احترام حقوق الدفاع وضمان محاكمة عادلة، ووقف كل أشكال المضايقة ضد الصحفيين
والجمعيات الحقوقية. وتماشياً مع ما ذُكر، أطالب المجتمع المدني والهيئات الحقوقية
والنقابية والإعلامية بالتكاتف والتضامن الكامل، دفاعًا عن حرية الصحافة واستقلال
القضاء وحرية العمل الجمعوي، لأن هذه الحقوق هي جوهر الديمقراطية وكرامة الإنسان.
وخلاصة القول، إن صوت حميد المهداوي، الذي
رفض الانحناء أمام الضغوط، وصوت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعيات
الحقوقية التي تدافع عن كرامة الإنسان، يمثلان منارات للحرية والكرامة في وطننا.
نحن معهم في كل خطوة نحو تحقيق العدالة والحق، وندعو إلى بناء بيئة تحترم القانون
وتمكن الجميع من أداء دورهم في بناء مغرب ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويصون كرامة
مواطنيه.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك