"للبيت ربٌّ يحميه"..مقولة في وجه الطغيان من مكة إلى الفاسدين في "البرلمان"

"للبيت ربٌّ يحميه"..مقولة في وجه الطغيان من مكة إلى الفاسدين في "البرلمان"
مقالات رأي / الخميس 15 مايو 2025 - 12:30 / لا توجد تعليقات:

مغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

حين وقف "عبد المطلب" جدّ الرسول الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم" في وجه الغطرسة الحبشية التي جسدها أبرهة، لم يكن يملك سلاحاً ولا جيشاً، لكنه كان يملك اليقين، وكان على دراية عميقة بأن الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام، ليست ملكًا لأحد من البشر، بل لها ربّ يحميها.

لم يتردد حين طلب أبرهة منه أن يتحدث، فلم يطلب منه شيئًا غير إبله، أما البيت الحرام، فله ربٌّ يحميه.

 جملة نُقشت في ذاكرة التاريخ لا لأنها كانت بليغة فقط، بل لأنها كانت لحظة تجرّد من حول القوة البشرية واعتماد على حول الله وحده، وبهذا علّمنا "عبد المطلب" جدنا وجد نبينا أن التوكل على الله موقف، لا هروبًا من المواجهة.

هذا المشهد التاريخي ليس محصورًا في زمانه، ولا هو مجرد عبرة ساذجة تُروى للأطفال.

هو مشهد تتكرر رمزيته في كل زمن ومكان، في كل بلد يُستهدف فيه الحق، ويُراد فيه إسقاط الثوابت، وتُداس فيه الكرامة، إن كل زمان فيه أبرهة، وفيه عبد المطلب، وفيه الكعبة، وفيه الطغيان، وفيه العدل، ولو بعد حين.

ما نشهده اليوم في كثير من الأقطار، ومنها المغرب العزيز على قلبي، هو وجه جديد لنفس الاستكبار القديم من مسؤولين، تغيّر الزي، وتبدلت الأسماء الألبسة وربطات العنق، لكن الروح الطاغية "الأبرهية" واحدة.

شعب مسحوق، يصرخ من تحت أقدام غلاء الأسعار، و"الحكرة" ولا من يسمع.

كل شيء في ارتفاع، "تهضر تسمى محرض أو خائن للوطن"، فواتير الماء والكهرباء، مصاريف العلاج، التعليم، الصحة،  التنقل، حتى الحياة البسيطة العادية "زريعة حمص كامون الفول طايب وهاري" أصبحت ترفا على الفقير في بلدي.

المواطن يدفع ثمن كل شيء، ولا يجد مقابلاً سوى المزيد من التهميش، المزيد من تكميم الأفواه، وكأن الحكومة أصبحت تشتغل بنظرية اخْنقْه ليصمت، وإن لم يصمت فزِدْه اختناقاً "دخل الشفون في فمه مزيان".

 أين إختفت شعارات الحرية والإدارة ؟؟.

وفي مقابل هذا الانهيار الاجتماعي، لا نجد إجابات، بل نجد صمتًا رسميًا، وتضليلاً إعلاميًا، وقوانين تُطبّق بمزاج، وقرارات تُفرض بلا حوار، وأوامر تمرر تحت مسمى "المصلحة العامة"، فيما هي في واقعها مصالح خاصة، محبوكة لمصلحة فئة، تعيش على حساب بقية الشعب.

أمام كل هذا، لم يبق للمواطن البسيط سوى أن يتذكر موقف جدنا الموحد بالله "عبد المطلب".

لم يطلب حماية من أحد، لم يلجأ إلى قبائل العرب، بل اكتفى بأن قال كلمته بكل جرأة  ،"أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه" .

 وهو ما يمكن أن نفهمه اليوم على الشكل التالي، نحن لا نطلب شيئًا غير كرامتنا، أما الوطن، فله ربٌّ يرعاه، ولن يتخلى عنه.

نعيش في زمن يَضيع فيه الرجال، ليس لأنهم قلّوا، بل لأن النظام الاقتصادي الإمبريالي النيوليبرالي والسياسي والاجتماعي يسعى لتفريغهم من مضمونهم، صار الرجل في المحكمة متهمًا حتى يثبت العكس، صار المواطن في المستشفى متسولاً لسرير، في الإدارة متسولًا لوثيقة، في البيت خائفًا من أن يتحول إلى "عنصر خطر" لأنه عاطل صرنا عكسا للواقع.

تسلّط وظلم ناعم، مغلف بالقانون من حكومات متتالية، لكنه أشدّ قسوة من السجون.

ومن الموت الحلو.

المرأة اليوم تُدفع إلى الواجهة ليس باعتبارها شريكة في التنمية، بل كأداة رمزية لتحجيم دور الرجل، تُعطى مناصب، وتُحمى بقوانين خارجية، في مشهد لا يُعلي المرأة بقدر ما يُذلّ الرجل، "شيء من "القوادة" القانونية المقننة"، الأمر ليس معركة بين الجنسين، بل معركة بين من يريد أن يبني مجتمعًا متوازنًا، ومن يريد تفكيك بنيته الأخلاقية والاجتماعية لأغراض خفية.

والإعلام، الذي كان من المفترض أن يكون ضمير الأمة، صار أداة تزيين للوجه القبيح لبعض الفاسدين" حسبَ شحال تعطي ونسكت"، لا يُسمح فيه إلا بالرأي الواحد، والنغمة الواحدة، والتهليل المستمر، الصحفي المستقل متهم، والإعلامي الحر مهدد بالسجن وتهمة جاهزة، والكلمة الشريفة تُقمع، في حين يُكافأ الإعلام المأجور، وتُفتح له الأبواب على مصراعيها علامات الساعة.

أما القضاء، فقد تحول في عيون كثير من المواطنين إلى مجرد أداة لتصفية الحسابات، منقبل بعضهم، وهو ما يساهم في إنتاج "عدالة انتقائية" تجرح أكباد أمهات وأبرياء، حيث يتم تكييف القوانين بحسب المقاس "شكون نتا وشكون باك"، وتوظيف المساطر لمحاكمة النوايا لا الأفعال، على مقال "عبار الفجل والبغل بحال بحال" من يتحدث يُدان، من يكتب يُسجن، من يخرج عن النص يُرجم، ومن يصمت يُستَغل.

ونعود إلى الفكرة الأصل، إذا ضاع العدل ضاع كل شيء.

فإذا عُطلت العدالة، فلا معنى للدستور، ولا فائدة من البرلمان، ولا هيبة لعدالة زائفة.

وإن لم تكن هناك إرادة سياسية لإصلاح هذه المنظومة الجائرة، فالتاريخ لا يرحم، لم يرحم أبرهة، ولم يرحم من كانوا قبله، ولن يرحم من يحاول أن يختبئ خلف الأقنعة السياسية الحالية.

في ظل هذه الفوضى المنظمة، نحتاج اليوم إلى يقظة جماعية، إلى وعي شعبي لا يخاف، إلى رجال ونساء يقولون الحقيقة ولو على رقابهم، سياسيون حقيقيون لا مهرجون، حتى ننبض من جديد لأجل الأجيال القدمة ونعترف أن مدة صلاحيتنا إنتهت، نحتاج إلى التذكير الدائم أن للبيت ربًّا يحميه، وأن الوطن ليس شركة خاصة، وليس غنيمة تُوزع على المنتفعين.

إنه بيت الجميع ومغرب للجميع، وأرض الجميع، ولا يحق لأحد أن يصادره، أو أن يتعامل معه وكأنه إرثٌ خاص، من يتحدث باسم الوطن عليه أن يكون خادماً للمغرب، لا سيدًا متسلطًا على أبنائه، من موقعه كيفما كان، المغرب أكبر منا جميعا المغرب أولا وأخيرا، تربة راوية نشرب ماءها وجافة نلعق ترابها ولا نتخلى عنه.

المجتمع المغربي اليوم، بأسره، يقف عند مفترق الطرق.

إما أن يواصل طريق الصمت، فيتحول إلى قطيع يُساق نحو الهاوية، وإما أن يختار طريق الكلمة والمواجهة السلمية، لكل الفاسدين "الفراقشية" والتعبير الراقي، والمقاومة بالوعي لأجل التقدم والازدهار قيادة ملكية موحدة شعبا وملكا، وإما أن يتحول إلى شتات، كما تحوّلت أمم من قبله.

وحين تسقط الأنظمة بفعل الغرور والطغيان الفاشية الظالمة، فإن أول ما يسقط ليس البنية التحتية، ولا المؤسسات، بل يسقط الخوف من قلوب المستعبدين، ويسقط حين يكتشف الناس أن "الصنم" كان من تمر، وأنه قابل للكسر، وأن الشعوب هي التي كانت تُعطيه قيمته، فإذا زهدت فيه، سقط وانتهى، والحمد لله أن المغاربة لهم تاريخ ملكي مجيد قديم تابت، ما نحتاجه سياسيون بكفاءات عالية وغيرة ونزاهة.

نقولها بكل وضوح، وبدون لف ولا دوران، لسنا دعاة فوضى، ولسنا دعاة فتنة، بل نحن دعاة حق وعدالة للجميع، لكن حين يُداس هذا الحق، لا بد أن نعيد قول جدنا "عبد المطلب"، لأن التاريخ يعيد نفسه، والدرس لا يُفهم إلا حين يُستحضر من القلب لا من الكتب.

"أعطينا بعيرنا"..هذا ما نريده.

بلغة اليوم أعطونا كرامتنا، أعطونا حقنا في العيش، أعطونا خبزًا بلا ذل، ماءً بلا تهديد، تعليمًا بلا رشوة، علاجًا بلا انتظار مهين.

أما الوطن، أما الكرامة، أما الحرية، فلها ربٌّ يحميها، وأعدكم أنه سيفعل، ولو بعد حين.

الله . الوطن . الملك

لن ألبس توب خيانة المغرب من طنجة إلى الكويرة. وجزر..

اللهم إرحم من سجد تحت عرشك وندرك بكل ما يليق بك وبجلالك لأجل المغرب.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك