أي دياثة حينما يجعل الذكر جسد زوجته مشروعاً تجارياً على موائد "السوشيال ميديا"

أي دياثة حينما يجعل الذكر جسد زوجته مشروعاً تجارياً على موائد "السوشيال ميديا"
مقالات رأي / الثلاثاء 06 مايو 2025 - 08:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

في زمن الانحلال القيمي والانبطاح الأخلاقي، خرجت علينا موجة مسمومة من الذكور الذين باعوا نخوتهم في مزاد العهر الإلكتروني، وأصبحوا يسوّقون أجساد زوجاتهم كما تُسوّق السلع التافهة في الإعلانات التجارية "رخااا والريباخا".

مشهد مقزز ومقرف، مشهد صاعق، بل مشهد يجرح كل مغربي لازالت تجري في عروقه قطرات دماء الرجولة، نحن أمام جيل جديد لا يعرف شيئاً عن الغيرة، عن الشهامة، عن الحياء. نحن أمام ذكور بلا هوية، بلا شرف، بلا أخلاق، بل بلا نخاع ، تحت شعار "نفس في رابوز".

في السابق، كان الرجل المغربي يُضرب به المثل في النخوة، يُقال عنه يغار على نساء الحي كله، وكان يُعيب مجرد ابتسامة غريبة توجه صوب زوجته أو أخته أو جارته، أما اليوم، فقد انقلبت الموازين، وصار هذا "الذكر" هو من يلتقط بنفسه لزوجته صورًا تظهر فيها مفاتنها وأدق تفاصيل جسدها من تلال وهضاب ومرتفعات الصدر ومنخفضات اللإفخاض..، ثم ينشرها بفخر على "ريلز" أو "ستوريات"، متلهفًا لمشاهدة عدد الإعجابات والتعاليق، وكأن رجولته باتت تقاس بعدد "لايك والجيم" وليس بمواقفه الشامخة.

هؤلاء ليسوا رجالا مغاربة..

هؤلاء تجار عرض، قوادون بنسخة رقمية، لا يختلفون في شيء عن سماسرة الدعارة الذين يبيعون لحم النساء مقابل المال، الفرق الوحيد أن أولئك يشتغلون في الظل، وهؤلاء يتفاخرون بذلك تحت أضواء الشهرة الزائفة، إنه عهر مقنن، خيانة موثقة بالصوت والصورة، وانحدار قيمي يسير بسرعة الضوء داخل مجتمع مغربي كان ذات يوم يقدس العرض كما يقدس الدين.

هل وصل بنا الدرك إلى درجة أن نُبرر "القوادة" بحجة المحتوى الرقمي ؟ .

هل أصبحنا نُصفق للدياثة فقط لأن خوارزميات "ميتا" و"تيك توك" تدفع مقابلها؟

هذا بعدما كنا جيل يردد "طلق الدجاجة لماليها راه تبيض وتوحل فيها" .

أين هي المؤسسات الدينية، الثقافية، الإعلامية؟

لماذا الصمت أمام هذه القنبلة الأخلاقية التي تنفجر كل يوم في وجوهنا، وتترك خلفها رماد الكرامة ودماء الحياء المسفوك؟

ليست هذه حرية شخصية، ولا تعبيراً عن الذات، ولا حتى أسلوب عيش حداثي، هذه دعارة مقنّعة بثوب الـ"فلوكات"، وعري مغلف بورق سميك من التبريرات السخيفة، هذه خيانة لكل ما تربى عليه المغاربة من جيل لجيل، هذا مسخ، وهذا انبطاح، وهذا انهيار لا يمكن التهاون معه.

البعض يقول: "هي زوجته، ومن حقه أن يفعل بها ما يشاء".

الحقيقة هي من تفعل به ما تشاء "أولد عمي"، هكذا يفكر الاحرار  .

لكن أي حق هذا الذي يضرب بعرض الحائط كل القيم والأعراف والدين؟

أي زوج هذا الذي يحوّل بيته إلى ملهى إلكتروني يعرض فيه جسد شريكة حياته؟

كيف يتحدث عن الحب وهو يمتهن كرامتها؟

كيف ينام مطمئناً وهو يعلم أن عيون الذئاب تنهشها في كل ثانية؟

لا، ليس حُبًا، بل عبودية متبادلة، يتولى فيها "الذكر" دور السمسار، وتتقمص "الزوجة" دور السلعة.

المال؟

هل المال هو المبرر؟

هل سقطت الرجولة المغربية في حفرة الدولار والدرهم واليوروهات القادمة من منصات "مونيتايزيشن"؟

هل تحوّلت الكرامة إلى رقم حساب بنكي؟

إن كان المال هو الغاية، فلماذا لا نُبيح الدعارة رسميًا؟

على الأقل نكون صادقين مع أنفسنا، ولا نلبس هذا الجرم عباءة "روتين يومي" أو "أنا وزوجتي نعيش اللحظة".

ثم العجب كل العجب في أحلام البنات الجدد، كنّ يحلمن ذات يوم برجل مهابة وشخصية، فارس يأخذ بيدها، يحميها، يغار عليها، يعتز بها أمام الدنيا كلها، أما الآن، ففارس الأحلام صار "كركور محتوى" فقط، يطلب منها أن تخلع قميصها أمام الكاميرا وتُظهر "نعومتها" في الحمام، ليحصد هو أرباح "الإشهارات".

هذه ليست أنفة المغاربة، كل من هو من هذا الصنف ليس مغربي وأتحمل كامل المسؤولية.

الحلم مات، والأنوثة قُبرت، والنخوة نُحرت.

الواقع أشد حزنًا من الخيال، لم تعد القضية مقتصرة على طبقة جاهلة أو محيط اجتماعي هامشي، بل تسربت إلى الأسر، إلى البيوت المستقرة، إلى أوساط يُفترض أنها متعلمة ومثقفة. الجميع يلهث وراء "الترند"، ولو كان الثمن كرامته.

نحن لا نهاجم النساء فقط، بل نجلد الرجل الذي نزع عنه رداؤه الرجولي، وبات يتباهى بزوجة يتقاسم جسدها مع الغرباء على مدار 24 ساعة، هذا الذكر لا يمثلنا، لا يمثل أبائنا، ولا أجدادنا، ولا يمثل مغربنا.

الدياثة الرقمية ليست حالة فردية، بل وباء ينخر جسد المجتمع بصمت. إنها عملية بتر قيمي باردة، تجعل من الجيل القادم جيلاً فاقدًا للمناعة، لا يعرف الحياء ولا الغيرة ولا قدسية البيت والأسرة.

نحتاج إلى انتفاضة، فكرية أولاً، تربوية ثانيًا، ومجتمعية بشكل عاجل. نحتاج أن نعيد تعريف معنى الرجولة، ومعنى الأنوثة، ومعنى العلاقة بين الزوجين، لا نريد أن نستفيق بعد سنوات على جيل جديد من القوادين والقوادات يسيطرون على شاشاتنا ويعلمون أبناءنا كيف يُباع العرض بلا خجل.

إنها لحظة مفصلية.

إما أن نقول: كفى، أو نصمت حتى تصبح "القوادة الإلكترونية" ثقافة سائدة، تُدرّس في كليات "الميديا" والربح الرقمي، وتُمنح فيها شهادات التفوق لمن يُحسن تسويق جسد زوجته.

بإختصار المغاربة الأصليين "حرش حاريين سالينا" .

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك