بقلم: محمد أحواش
مع حلول فصل الصيف، تتحول مدن المغرب إلى منصات مفتوحة للفرجة والغناء والاحتفالات. مهرجانات هنا وهناك، أضواء، منصات، وجمهور يصفّق. من بين هذه التظاهرات الفنية، يبرز مهرجان "موازين" كأكثرها شهرة وجدلًا.
الحكومة تُدافع، وتقول إن موازين ليس مجرد حفل موسيقي، بل هو استثمار ثقافي وسياحي يعود بالنفع على صورة المغرب دوليًا، ويجلب آلاف السياح، ويُعرّف العالم على تنوعنا الفني والثقافي. لا أحد ينكر أن بعض هذا الكلام فيه وجاهة، وأن إشعاع المغرب الثقافي مهم في عالم اليوم.
لكن، هل هذا يكفي لتبرير ما يُقال عن ميزانيات خيالية تُصرف على
حفلات لا تزيد مدتها عن ساعة أو ساعتين؟ المواطن البسيط الذي يُشاهد المهرجان عبر
شاشة تلفازه المتهالكة، وهو جالس في حي تنقطع عنه الكهرباء أسبوعيًا، ويتنفس
الغبار قرب مستوصف بلا طبيب ومدرسة بلا معلمين، يسأل:
أين الأولويات؟ وأي ثقافة نُرَوِّجُ، ونحن نعاني من البنية التحتية المهترئة؟
في المغرب، قرى بأكملها لا تزال تعيش دون ماء شروب أو كهرباء، ناهيك عن الحق في مستشفى أو طريق أو حتى مدرسة بحيطان وسقف! أليس من المنطقي أن توجه هذه الميزانيات لتحسين هذه الأوضاع بدلًا من حفلات الرقص والغناء؟
ثم تأتي القضية التي تثير الغضب أكثر: الفنان المغربي.
هؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا سفراء الفن والثقافة الوطنية، يتم تهميشهم وتقديم "الشياطة" لهم، بينما تُصرف الملايين من الدراهم على فنانين أجانب يُستقدمون بالطائرات الخاصة، ويُقيمون في الفنادق الفاخرة، ثم يغادرون في صمت، دون أن نعرف كم تقاضوا، أو ماذا قدّموا لنا غير ساعة من الصخب.
هل هؤلاء المنظمون يعشقون الفن إلى هذا الحد، أم أن هناك من يستثمرون
في المهرجانات كما يستثمر البعض في العقار أو التجارة؟
تُطرح أسئلة مشروعة: من يربح فعليًا من هذه العروض؟ ومن يحاسب على الصفقات والعقود؟ ولماذا لا يُعطى الفنان المغربي حقه، لا في الأجر ولا في التقدير؟
لسنا ضد الفرح، ولا ضد الغناء، ولا ضد أن يكون لبلادنا إشعاع فني. لكننا مع العدالة، ومع الأولويات، ومع الإنصاف. نريد مهرجانات تُفرح الشعب، لا مهرجانات تُشعره بالقهر. نريد دولة تُغني الإنسان قبل أن تُغني للمسرح.
والسؤال الذي يبقى مطروحًا: هل المغرب بحاجة إلى "موازين"،
أم إلى موازنة عادلة بين الفرح والكرامة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك