"بنكيران" خاطب حميرهُ فقط ولم يخاطب المغاربة عامة "فهمتوني ولا لا.."

"بنكيران" خاطب حميرهُ فقط ولم يخاطب المغاربة عامة "فهمتوني ولا لا.."
... رأي / السبت 03 مايو 2025 - 09:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

توضيح : الصورة الاولى في فلسطين 2019/ والثانية تونس 2019

لم أكن أتوقع أن تصل بنا الوقاحة السياسية إلى هذا المستوى المتدني في يوم من الايام، بعد عقود من الخطابات التي، مهما اختلفنا حول مضامينها، حافظت على الحد الأدنى من الاحترام واللباقة، كنا نعرف زعماء عبر التاريخ السياسي المغربي، قادوا البلاد من داخل قبة البرلمان، لكننا لم نسمع يوماً أحدهم يصف أنصاره بالمكروبات والحمير، ويكرر الإهانة كما لو أنها شرفٌ في قاموسه السياسي.

"تعالي زينة الرقبة وطلي علا يامنا معامن تالينا"

كثر الحديث والجدل، وتعددت القراءات حول خطاب "عبد الإله بنكيران" يوم أول أمس في فاتح ماي 2025، خلال أجواء إحتفالات عيد الشغل، البعض رأى فيه سبّاً مباشراً للمغاربة، والبعض الآخر حاول تبرير ما لا يُبرّر.

لكن الحقيقة الصارخة، أن بنكيران لم يخاطب الشعب، بل خاطب "حميرهُ" أولئك الذين صفقوا له دون وعي، وابتلعوا الإهانة دون كرامة، أولئك الذين ينتظرون "الشعير السياسي" من كبير المتملقين السياسيين في تاريخ المغرب، في تصريح نشرته قبل عشرة سنوات قال: المرحوم المحامي والحقوقي "محمد طارق السباعي"  إنه أكذب من "عبدالله أبن سلول"، والعهدة على من صرح .

لا رغبة لي في الخوض في توافه الأمور أو الدخول في زوابع المزايدات، فالقضية الفلسطينية مثلاً، لا تحتاج منا إلى شعارات جوفاء، بضع ليالٍ قضيتها سنة 2019 في القدس وطبرية حيفا ويافا، كافية من خلال حوارات ثنائية مع الكثيرين، لأفهم كيف يُناضل الشرفاء هناك، بعيداً عن المزايدات الصوتية التي يتقنها البعض عندنا في أرض الوطن، أتحفظ.

حين وقف بنكيران وسط جموعه من أتباعه، وقال بصريح العبارة: "الحمار والحمار معجبوش الحال لي كنقارنك بيه".

هل يمكن أن تنحدر اللغة السياسية والخطاب إلى هذا القعر؟

ألم يجد كلمات أخرى للتواصل؟

أي مستوى سياسي هذا الذي يقوده رجل يفترض فيه أنه يمثل تياراً إسلاميا وأخلاقياً؟

من المؤسف أن تتردى الأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها "العدالة وتااا نمية"، إلى هذا المستوى من الإهانة العلنية لأنصارها، حزب حطم آمال الشعب في إصلاح صناديق التقاعد، وفرض نظام التوظيف بـ"الكونطرى"، وحوّل التعليم العمومي إلى مشروع مربح لمغامرين بلا تكوين، ودعم التعليم الخصوصي .

المعروف لدى المتتبعين، أن بنكيران، وبعد توقيف التوظيف العمومي أثناء قيادته الحكومة السابقة، سارع لتوظيف ابنته، وكأن القانون لا يسري إلا على أبناء الشعب.

وكأنه أراد أن يُكمل بها صالونه الذي طالما تباكى عليه في خرجاته الشعبوية، أما "الكوزينة"، فهي ملف آخر مفتوح للهمز واللمز "وقتاش ما بغا".

ووسط هذه العتمة، يبقى سؤال مشروع يتردد على ألسن كثيرين:

كم معاشاً يتقاضى هذا الرجل؟

هل هي ثلاثة؟

أربعة؟

أم خمسة؟

من التعليم معاش، إلى البرلمان معاش، إلى الوزارة معاش، إلى رئاسة الحكومة معاش... أرقام تتداول، ومعلومات تُرمى دون تأكيد رسمي.

وإن صح ما يروى عن هبة ملكية بسبعة ملايين سنتيم، كما اعترف بها شخصياً "بنكيران" حين قال "سيدنا عطاها ليا واش نقدر نقول ليه لا"، فهل أصبح التوسل واللعب على وتر الفقر وسيلة للتكسب السياسي؟

تقول بعض المصادر إن الرجل يتقاضى أيضاً راتباً عن الأمانة العامة للحزب يقدر بأربعة ملايين شهرياً.

ولا أحد كلف نفسه توضيح هذا الرقم أو نفيه، الشفافية، كما يبدو، لا مكان لها في قاموس "العدالة وتا نَمْيَا"، أو الشفافية المزيفة.

ننتظر بكل تجرد أن يخرج الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، "بنكيران" ليوضح لنا كل هذه الإدعاءات أو التساؤلات حول هذه المبالغ، وما حقيقتها، "فهموتني ولا لا" .

والأدهى أن هذا الرجل، الذي حطّم صناديق المقاصة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، لا يزال يُقدم نفسه كمصلح، لكنه في الواقع مجرد سياسي جمع كل أنواع التعويضات، بينما يطلب من الشعب شد الحزام والصبر على الفقر "فهموتني ولا لا".

الحقيقة أن الساحة السياسية صارت حلبة لتصريف الأحقاد الشخصية، ومكاناً لتغذية المصالح الفردية على حساب الوطن، ما نشهده اليوم ليس تنافساً حزبياً، بل سوقاً للضحك على الذقون تحت غطاء المرجعيات الدينية أو الأخلاقية، ولأننا لا نريد أن نرمي الناس بالباطل، نجدد ونؤكد، فالمطلوب من بنكيران أن يخرج للرأي العام ويجيب بشجاعة عن كل هذه الأسئلة المالية.

هل يتقاضى فعلاً كل هذه التقاعدات؟

هل يحصل على رواتب متعددة؟  .

"فهموتني ولا لا" .

الشعب من حقه أن يعرف.

أما عن وصفه للمناضلين بـ"الحمير"، فهذه سقطة أخلاقية تستوجب الاعتذار، لا التبرير، هؤلاء الناس صفقوا لك بدافع الثقة، لا لأنهم حمير، وإن كانوا كذلك، فأنت راكبهم إلى المناصب لا أكثر، "سمح ليا وصافي فمي مزراك" ولكن هذه الحقيقة.

"فهمتني ولا لا" .

والأجدر بك أن تعتذر، وتترجل، وتفهم أن السياسة أخلاق قبل أن تكون مناصب، وإن كنت قد بلغت من العمر عتياً، كما قلت "مكملين غير بسطارطير"، فالأولى أن "تسكت سطارطير" وتدع الشباب يتولون زمام المبادرة.

"فهمتني ولا لا" .

وأخيراً أقول لك ، دع السياسة لأهلها، واتركها بحلاوتها، ولا تُفسد ما بقي من ذكراك في أذهان الناس، لأن التاريخ لا ينسى من يخاطب شعبه بـ"يا حمار يا المكروب".

"فهمتني ولا لا" .

 

 

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك