باجو يكتب:شركة DeepSeek الصينية في مواجهة OpenAI الأمريكية..من نماذج القضايا الكبرى التي سنتعود عليها في هذه المرحلة من صعود الاقتصاد الرقمي

باجو يكتب:شركة DeepSeek الصينية في مواجهة OpenAI الأمريكية..من نماذج القضايا الكبرى التي سنتعود عليها في هذه المرحلة من صعود الاقتصاد الرقمي
... رأي / الأربعاء 29 يناير 2025 - 01:00 / لا توجد تعليقات:

بقلم:حميد باجو

شركة DeepSeek الصينية في مواجهة OpenAI الأمريكية..

من نماذج القضايا الكبرى..

التي سنتعود عليها اكثر في هذه المرحلة من صعود الاقتصاد الرقمي...

السباق نحو الهيمنة على اقتصاد المعلومة والتحكم في الشبكات المرتبطة بها.

ذلك مما اثارته واقعة اطلاق الشركة الصينية الصغيرة DeepSeek... تطبيقا او "محاور رقمي" Chatbot R1 ... ينافس ويزاحم نظيره ChatGPT عند الشركة الأمريكية OpenAI... او لدى الشركات الاخرى.

ما نتج عنه مباشرة وبعد بضع ساعات فقط... ان تحولت نسبة كبيرة من مستعملي "المحاورين الرقمية" المعروفة... نحو المحاور الصيني الجديد... مفضلين اياه عن الأخرى.

كما ان ردة البورصة جاءت سريعة... حيث نزلت قيمة اسهم شركة NVIDIA... المحتكرة لصناعات الرقاقات الدقيقة... وشركات اخرى بالقطاع بنسب كبيرة.

للتذكير... ان الولايات المتحدة كانت منعت تصدير كل ما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية وبالخصوص الرقاقات التي تنتجها الشركة اعلاه... الى الصين.

ما هو معروف... ان اكثر الرقاقات تطورا اليوم في العالم... هي التي تنتجها NVIDIA... والتي تصل الى استيعاب عشرات الملايير من الترانزيستورات... او مركباتها... الدارة الكهربائية circuit intégré او المعالج الأدنى microprocesseur... في حيز لا يتعدى غلضه نانوميتر واحد او جزء من المليون.

في حين ان الرقاقات الاخرى المتداولة والتي هي في متناول الشركات الصينية... فلا زال حيزها في حدود 5 نانوميتر... بعيد كثيرا عن السبق التكنولوجي لامريكا في هذا المجال.

لكن ولأن كفاءة اي تطبيق رقمي وخاصة من صنف "المحاور" Chatbot... انما تقوم على ثلاث ركائز...

- كمية المعلومات وجودة البيانات التي تدرب عليها

- جودة القواعد او الخوارزميات المعتمدة في التدريب.

- مدى التفوق في تكنولوجيا الرقاقات

واذا كانت امريكا هي متفوقة فيما يتعلق بالركيزة الاخيرة... فان الصين اختارت ان تستثمر في الثانية... يعني في تطوير جودة وقوة الالغوريتمات... وهو استثمار اكثر منه في المؤهلات البشرية منه في معدات ومنشآت صناعية... ما يجعل كلفته اقل بكثير.

(مثلا ان لم يكلف تدريب محاور DeepSeek اعلاه... حتى 6 مليون دولار... مقارنة مع 100 مليار لمحاور مماثل من شركة OpenAI)

كذلك ان الشركة الصينية وفرت منتوجها هذا... بشكل مفتوح او مجانا... في اطار ما يعرف بالمصادر المفتوحة للرقميات OpenSource. ما يسمح حتى بمراجعة المعلومات المتداولة ومعرفة مصادرها... وذلك عكس النظام المغلق الذي تتبعه الشركات الامريكية.

(للمعلومة... نظام OpenSource... كان قد فرضه بعض رواد الانترنيت الاوائل من الليبراليين المتحررين في السبعينات... في نضالهم ومواجهة مع الشركات الكبرى التي كانت تريد احتكار واغلاق العالم الرقمي الناشئ آنذاك)

لكن الأكثر إثارة للانتباه في هذا الحدث اليوم... هو ما اتاحه من امكانية فتح ثغرة في مواجهة سياسة الهيمنة الثقافية التي تسعى الشركات الامريكية المتحكمة في القطاع... فرضها على العالم بمقاساتها الخاصة...

ان اظهر اطلاق هذا التطبيق الجديد او المحاور الرقمي... عن امكانية فرز سرديات اخرى... او نظرات عن العالم... او متخيلات اجتماعية... والترويج لها في منافسة مع تلك التي يروج لها الغرب.

لانه من المعروف ان كل تطبيق رقمي قبل اطلاقه يتطلب تدريبا طويلا على قواعد بيانات... او كل ما جمع من معلومات عن العالم... غير ان نوع البيئة والمتدخلين في برمجته... قد يؤثرون عمدا او عن غير قصد.. في بعض مخرجاته وتكييفها حسب الطلب. او ما ينتج سردية معينة عن العالم نوعا ما موجهة..

ولذلك... لما تكون هذه البيئة وهؤلاء المتدخلين من فضاءات اخرى... حالة الصين هنا... ان ينتج عنه سرديات اخرى مختلفة تستلهم من تجربة هذه البلاد وثقافتها الخاصة...

لهذا ان تصبح الحرب اليوم بين عمالقة الاقتصاد الرقمي... في امريكا او الصين... هي بجانب المكسب المادي المباشر... ربح رهان التحكم في السرديات والنظرات الى العالم... او صناعة الرأي العالمي حسب المبتغى.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك