أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
يعيش المهاجرون في بروكسيل أوضاعًا
شديدة القسوة على ضفاف الأنهار وفي زوايا الحدائق العامة، داخل خيام بلاستيكية
مهترئة لا تقي من البرد ولا المطر، في مشهد يختزل حجم المعاناة اليومية التي يرزح
تحتها الآلاف ممن علقوا بين حلم الهجرة وواقع التشرد. فالجوع والعطش والإدمان
والتحلل الاجتماعي أصبحت ملامح ثابتة لهذه المخيمات العشوائية، حيث يتحول انتظار
التسوية القانونية إلى رحلة استنزاف شاقة بلا أفق واضح ولا وعود صادقة.
وتزداد الصورة قتامة حين نعلم أن جزءا
كبيرا من هؤلاء ينتمي إلى الجالية المغربية، التي وجدت نفسها أسيرة وضع قانوني
غامض في بلجيكا، البلد الذي يُعد من بين أكثر الدول الأوروبية تشددًا في منح
الإقامة للمهاجرين غير النظاميين. فبمجرد دخولهم بطرق غير قانونية، يصبح هؤلاء في
مواجهة مصير مجهول، إذ لا تتكفل السلطات بتسوية أوضاعهم ولا تمنحهم فرصًا
للاندماج، تاركة إياهم يعيشون في الشوارع تحت رحمة الفقر والبرد والإقصاء.
وتؤكد شهادات متعددة أن عددًا من
المهاجرين اعتادوا حياة التشرد لسنوات طويلة دون أي تغيير في وضعهم القانوني،
الأمر الذي يعمق الإحباط ويجعل العودة أو الرحيل خيارًا مرًا، لكنه في أحيان كثيرة
يصبح أحسن من الاستمرار في هذا الفراغ الوجودي الذي يحطم ما تبقى من الأمل.
ويجمع متتبعون على أن النظام البلجيكي
الخاص بتسوية وضعية المهاجرين يُعد من أعقد الأنظمة في أوروبا، حيث لا يمنح
الإقامة إلا في حالات محدودة واستثنائية، مما يجعل آلاف الأشخاص في حالة انتظار
دائم، يراقبون السنين تنساب من بين أيديهم دون أن يلمسوا أي تغيير في واقعهم. هذا
الوضع المأزوم ساهم في انتشار العزلة والانفصال عن المجتمع، وأدى إلى تفشي مظاهر
خطيرة مثل الإدمان والعنف والتشوهات النفسية الناتجة عن اليأس المتراكم.
وفي ظل غياب أي رؤية رسمية لمعالجة
هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة، يبقى المهاجرون في بروكسيل عالقين في دائرة
مغلقة، بين حلم شرعية لا تأتي وواقع قاس يحاصرهم من كل الجهات، ليعيشوا بذلك على
هامش واحدة من أهم العواصم الأوروبية، دون أن يشعر بوجودهم أحد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك