أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
تحول القاهرة نحو بكين في الآونة
الأخيرة أفرز ارتباكا واضحا في دوائر القرار الأمريكية والإسرائيلية، خاصة بعد
تداول خبر انتقال طائرات صينية متطورة إلى مصر دون أن ترصدها أنظمة المراقبة
الجوية المتقدمة، ما أثار استنفارا غير معلن داخل مراكز التحليل الغربية التي رأت
في ذلك مؤشرا على تغير ميزان القوة في الشرق الأوسط.
ظهور اثنتي عشرة طائرة قادمة من العمق
الصيني نحو الأراضي المصرية دون رصد راداري يبرز مدى التطور التكنولوجي الذي وصل
إليه التنين الصيني، ويعكس في المقابل هشاشة المنظومات العسكرية الأمريكية
والإسرائيلية التي ظلت لعقود تتباهى بقدرتها على السيطرة على السماء.
هذا الحدث غير المسبوق اعتبره الكثير
من المحللين دليلا على أن بكين بدأت تدخل فعليا إلى مسرح النفوذ في الشرق الأوسط
من بوابة مصر، وأن القاهرة بدورها لم تعد تراهن على شريك واحد، بل تسعى إلى بناء
شبكة توازنات تعيد ترتيب موقعها الاستراتيجي.
التحركات المصرية الأخيرة أثارت مخاوف
داخل إسرائيل التي ترى في أي تقارب مصري صيني خطوة قد تقوض مشروعها القديم الجديد
الذي يسعى إلى إعادة رسم حدود النفوذ في المنطقة تحت قيادة بنيامين نتنياهو الذي
مازال يتمسك بخريطة إسرائيل الكبرى وفق حلمه التاريخي.
التسريبات القادمة من بعض مراكز التفكير
في تل أبيب توحي بأن إسرائيل تراقب بقلق أي تطور عسكري مصري قد يعيد للقاهرة وزنها
الإقليمي، خصوصا أن القيادة المصرية الحالية تشدد قبضتها على الجيش وتمنع أي
محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي.
في المقابل تتزايد توقعات عودة
الولايات المتحدة إلى استخدام ورقة الإسلاميين في مصر لمحاولة الضغط على نظام عبد
الفتاح السيسي، خاصة بعد الفتور الذي أصاب العلاقات بين القاهرة وواشنطن منذ بدء
التقارب المصري الصيني الذي لم يرق للمصالح الأمريكية.
الإعلام الإسرائيلي بدأ في الأيام
الأخيرة حملة لإظهار مصر كحاضنة لقيادات من حركة حماس، في محاولة لتهيئة الرأي
العام الدولي لأي خطوة تصعيدية قد تتخذها تل أبيب بذريعة مكافحة الإرهاب، رغم
إدراكها الكامل أن الوضع المصري مختلف جذريا عن حالات أخرى مثل قطر.
الفارق الهائل بين القدرات المصرية
والقطرية يجعل أي مخطط لاستهداف مصر مغامرة قد تشعل مواجهة إقليمية واسعة، خاصة أن
الجيش المصري يعد الأكبر عربيا ويمتلك ثقلا بشريا وجغرافيا يجعل أي حرب ضده مكلفة
وغير مضمونة النتائج.
تصاعد التوتر غير المعلن يفتح الباب
أمام احتمالية دخول قوى كبرى في أي نزاع محتمل، إذ لن تقف الصين مكتوفة الأيدي
أمام استهداف شريكها الاستراتيجي الجديد، وحتى كوريا الشمالية الحليف الدائم للصين،
فيما ستسعى روسيا إلى حماية ميزان القوة الذي بنته في المنطقة خلال السنوات
الأخيرة.
المشهد الإقليمي يعيش حالة ترقب ثقيل،
ومصر تبدو في لحظة إعادة تشكيل لطبيعة علاقاتها الدولية، بين واشنطن التي فقدت ثقة
القاهرة، وبكين التي تقدم دعما تكنولوجيا وعسكريا يلائم طموح دولة تبحث عن استقلال
قرارها وسيادتها في مرحلة تتغير فيها قواعد اللعبة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك