"الفايننشال تايمز":روسيا تراهن على خط أنابيب غاز متعثر مع الصين لتعويض خسائرها في أوروبا

"الفايننشال تايمز":روسيا تراهن على خط أنابيب غاز متعثر مع الصين لتعويض خسائرها في أوروبا
دولية / الاثنين 17 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

الفايننشال تايمز: أناستازيا ستوجني - ماكس سيدون

تمضي شركة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة قدماً في خططها لإنشاء خط أنابيب غاز جديد إلى الصين، ووضعت تصاميم تفصيلية باهظة التكلفة، في إشارة إلى أن المشروع المتعثر الذي طال انتظاره، قد عاد إلى مساره الصحيح.

ويمثل خط أنابيب «قوة سيبيريا 2»، الذي سينقل 50 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، الأمل الكبير لروسيا في تعويض جزء من خسائر صادراتها إلى أوروبا. وكانت روسيا والصين وقعتا اتفاقية بشأن خط الأنابيب هذا في عام 2014، لكن المشروع الضخم تعثر لسنوات، قبل أن يعود ليكتسب أهمية ملحة، بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022.

في سبتمبر، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، مذكرة لبدء أعمال البناء. وبعد ذلك مباشرة، بدأ مهندسو غازبروم العمل على التصاميم الفنية، وفقاً لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة على التحضيرات لصحيفة فاينانشال تايمز.

وقال سيرجي فاكولينكو الزميل بمؤسسة كارنيغي للسلام، والرئيس السابق للاستراتيجية في شركة غازبروم نفط- قسم النفط التابع للشركة، إن المهندسين كانوا منهمكين على ما يبدو في مرحلة التصميم الهندسي الأولي، والتي تتضمن العمل على الكثير من المجلدات الخاصة بالوثائق الفنية. وإجراء مثل هذه الدراسات مكلف بالفعل، حيث يمكن أن يصل إلى 5 % من التكلفة الإجمالية لمشروع بهذا الحجم الضخم.

وقال مسؤول تنفيذي روسي كبير في مجال الطاقة لصحيفة فاينانشال تايمز، إن التكلفة قد ترتفع إلى 10 % من إجمالي النفقات. وأضاف المسؤول التنفيذي، في إشارة إلى مرحلة التصميم: «مثل هذا الإنفاق غير معتاد، ما لم يكن هناك اعتقاد قوي بأن الأموال تُنفق لهدف جيد، وأن الاستثمار آمن».

والميزانية الإجمالية للمشروع غير معلنة حتى الآن. ويقدر فاكولينكو ومعه رونالد سميث، مؤسس شركة الاستشارات «إميرجينج ماركتس أويل آند جاس كونسلتينج بارتنرز»، والمحلل المخضرم لسوق الطاقة الروسي، الحد الأقصى بما يزيد على 30 مليار دولار، لكن كليهما أشار إلى أن الرقم النهائي قد يكون أقل. كما أشارت تقارير أخرى إلى مبلغ أقل بكثير.

ولم يُدلِ المسؤولون الصينيون بتصريحات علنية تُذكر حول خط الأنابيب، على الرغم من توقيع شي على مذكرة التفاهم الأخيرة، ما دفع بعض المراقبين إلى الشك في أن المشروع يتقدم بالفعل. وعموماً، لا يزال الأمر بعيداً عن التأكيدات. وصرح مستشار روسي في مجال الطاقة بأن أحد أسباب استمرار غازبروم في الضغط، هو أن الشركة لديها أقسام مشاريع «إما بحاجة إلى الإغلاق، أو إلى مشاريع جديدة للعمل عليها».

وتساءل: «وهل هناك بدائل أفضل؟». وشدد على أن غازبروم كانت على ثقة أن الصين ستُغير رأيها في النهاية، حيث يظل الغاز هو الأرخص بالنسبة للصينيين. ولهذا السبب، فإن غازبروم مستعدة بقوة لاستثمار مبالغ طائلة، ولا أعتقد أنهم مخطئون تماماً. ولم تُجب غازبروم على طلب التعليق.

ويقول محللون في شركة ستاندرد آند بورز جلوبال إنرجي، إن عمليات التسليم إلى الصين عبر خط الأنابيب، ستبدأ على الأرجح في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين. وقد أعدت روسيا وثائق لأقسام مختلفة من خط الأنابيب على مدار تاريخ المشروع الطويل.

لكن التصاميم الجديدة ستكون أول دراسة هندسية شاملة لخط الأنابيب بكامله. من المتوقع أن يمتد المشروع لمسافة 6700 كيلومتر، منها مسافة 2700 كيلومتر عبر روسيا، بدءاً من حقول غاز يامال الشمالية، وحوالي 1000 كيلومتر عبر منغوليا، وينتهي في الصين.

وقد أكد أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم، بدء العمل على جزء صغير من خط الأنابيب بطول 410 كيلومترات في سيبيريا، والذي قررت موسكو بناءه، بغض النظر عن قرار الصين، كجزء من الجهود المحلية لتحسين إمدادات الغاز.

وقال رونالد سميث: «تبني غازبروم أجزاءً مما قد يصبح في النهاية جزءاً من مشروع «قوة سيبيريا 2» إذا ما مضى قدماً، ولكنها ستخدم الأسواق المحلية إذا لم يحدث ذلك». وكان أليكسي ميلر قد التقى في سبتمبر برئيس شركة يونايتد ميتالورجيكال، وهي شركة روسية رئيسة لتصنيع الأنابيب، لمناقشة «توريد الأنابيب لمشاريع استثمارية كبرى».

مع ذلك، لا يعني العمل الجديد التوصل إلى اتفاق بشأن خط أنابيب الغاز بشروط حاسمة، خاصة في ما يتعلق بالسعر وشروط التوريد. حيث تبقى هذه القضايا عقباتٍ بارزة، لكن خط الأنابيب يُمثل بشكل متزايد شريان حياةٍ حيوياً لشركة غازبروم والحكومة الروسية. وكانت حقول يامال، التي يبدأ منها خط الأنابيب، تُزود أوروبا بالغاز، ويُمثل خط الأنابيب الجديد الفرصة الوحيدة للشركة والحكومة لتعويض خسائر الإيرادات.

ومع ذلك، فإنه حتى في حال إطلاق خط أنابيب الغاز، فإن إجمالي صادرات روسيا عبر خط الأنابيب إلى الصين، سيظل يُمثل حوالي نصف إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا قبل الحرب الروسية- الأوكرانية. وقد انخفضت مبيعات روسيا السنوية من الغاز إلى أوروبا بالفعل إلى 51.7 مليار متر مكعب في عام 2024، أي ما يُعادل ثلث مستويات ما قبل الحرب، مع توقع انخفاضٍ إضافي هذا العام.

والصين ليست في عجلةٍ من أمرها لبناء خط الأنابيب، حيث تُزود روسيا بكين بالغاز عبر خط أنابيب «قوة سيبيريا» الأقصر بكثير، والذي بدأ العمل في عام 2019. وقد اتفق الجانبان في سبتمبر على زيادة الكميات المُرسلة من 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، إلى 44 مليار متر مكعب.

كذلك، ليس من الواضح كيف تنوي شركة غازبروم تمويل المشروع. فبعد تسجيلها أول خسارة لها منذ 25 عاماً في عام 2023، تعافى صافي ربح الشركة المملوكة للدولة إلى 1.3 تريليون روبل العام الماضي، إلا أن ديون غازبروم تزيد عن أربعة أضعاف هذا الرقم، حيث تصل إلى 5.7 تريليونات روبل (71 مليار دولار).

وتُهيئ الصين سوق سنداتها لف تح الباب أمام شركات الطاقة الروسية. وفي سبتمبر، منحت وكالة التصنيف الصينية «سي إس سي آي بينجيوان»، شركة غازبروم، إلى جانب شركات طاقة روسية كبرى أخرى، تصنيفاً ائتمانياً عالياً (AAA)، وهو ما يمهد الطريق أمامها لإصدار سندات. ومع ذلك، يتسم نهج بكين بالحذر. فعندما ضجت وسائل الإعلام الروسية بتقارير عن «صفقة تاريخية» على خط «قوة سيبيريا 2» في سبتمبر، لم تتم الإشارة إلى الاتفاق تقريباً في وسائل الإعلام الصينية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك