
أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
في لحظة دبلوماسية لافتة بأوازا
بتركمنستان، شدد عبد الصمد قيوح، وزير النقل واللوجيستيك، على أن المغرب جعل من
دعم الدول غير الساحلية، ولا سيما الإفريقية منها، أولوية استراتيجية في سياساته
التعاونية، مؤكداً أن المملكة، بفضل موقعها الجغرافي والتزامها التاريخي، تواصل
لعب دور محوري في تعزيز التنمية المستدامة والتكامل الإقليمي بالقارة.
وأبرز الوزير المغربي، خلال مشاركته
في الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالدول النامية غير
الساحلية، أن المغرب ينخرط بقوة في مشاريع التعاون جنوب-جنوب والثلاثي الأبعاد،
بتوجيهات مباشرة من الملك محمد السادس، وهي مشاريع تهدف إلى تحسين معيشة الشعوب
وتقوية قدراتها على تجاوز التحديات الجغرافية والتنموية.
وفي هذا السياق، سلط قيوح الضوء على
المبادرة الملكية الطموحة لتمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي،
معتبراً إياها خطوة جيوسياسية ثورية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الإفريقي، تُفتح
فيها آفاق الانخراط في سلاسل القيمة العالمية، وتُعزز من استقلالية الدول الحبيسة
في وجه التبعية اللوجستيكية المكلفة والمعرقلة للنمو.
وشدد الوزير على أن هذه الرؤية
الملكية الشاملة ترتكز على مبدأ التضامن الفعال، وتجعل من المغرب حلقة وصل
استراتيجية تربط إفريقيا بالعالم، خاصة من خلال بنياته التحتية المتقدمة في النقل
والموانئ واللوجستيك، مشيراً إلى أن النموذج المغربي في هذا المجال بات يُحتذى به
من قِبل عدد من الشركاء الدوليين.
وفي ما يتعلق بالمبادرات الموازية،
ذكّر قيوح بمجموعة من البرامج التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة لفائدة الدول
الإفريقية، مثل لجان المناخ القارية، ومبادرتي Triple A وTriple S، ومركز الكفاءات للتغير المناخي، ومنصة
الشباب الإفريقي، مؤكداً أن هذه المبادرات ليست شعارات، بل أدوات عملية لتقوية
قدرة الدول على الصمود والتأقلم.
وأعلن الوزير المغربي عن دعم المملكة
الكامل لخطة عمل "أوازا" الجديدة (2024-2034)، والتي تضع أهدافاً ملموسة
لتحسين واقع الدول غير الساحلية من خلال التركيز على شبكات الربط، الانتقال
الطاقي، والتكامل الاقتصادي، داعياً في الوقت ذاته إلى تظافر الجهود الدولية من
أجل تحقيق إنجازات حقيقية على أرض الواقع.
وفي مداخلة غلبت عليها النبرة
الاستراتيجية، حث قيوح شركاء التنمية، خصوصاً منظومة الأمم المتحدة، على التحرك
الجدي من أجل إنجاح هذا المسار، من خلال تعبئة الاستثمارات وتفعيل التزامات
المؤتمر، وتحويل الأقوال إلى أفعال تُحدث الأثر المطلوب لدى شعوب تعاني من العزلة
والمخاطر البنيوية.
وسجل الوزير أن المغرب، انطلاقاً من
توجيهات الملك محمد السادس، سيواصل انخراطه القوي في الديناميات القارية والدولية،
مقدماً خبراته وكفاءاته لفائدة الدول الصديقة، ورافعاً من منسوب التضامن
جنوب-جنوب، في أفق بناء منظومة تنموية عادلة وشاملة تدمج الجميع دون استثناء.
كما أشار قيوح إلى التحديات الخطيرة
التي تواجهها الدول غير الساحلية، وفي مقدمتها العزلة التجارية وارتفاع تكاليف
النقل والانكشاف المفرط للتقلبات الدولية، وهو ما يجعل الحاجة إلى الدعم الدولي
أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مطالباً بشراكات مبتكرة وموجهة نحو بناء اقتصادات
قادرة على الصمود والمنافسة.
وختم الوزير المغربي مداخلته بالتأكيد
على أن مؤتمر أوازا يجب أن يكون نقطة تحوّل حقيقية، وليس مجرد لقاء عابر، بل محطة
لتقييم حصيلة عقد من الجهود، وتجديد الالتزامات، وإعادة صياغة آليات التعاون
الدولي بما يخدم مصالح الدول غير الساحلية ويُدخلها فعلياً إلى قلب دينامية
التنمية العالمية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك