أنتلجنسيا المغرب:سميرة زيدان
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق العمل ببرنامج قرعة الهجرة العشوائية إلى الولايات المتحدة، المعروف بـ“غرين كارد”، موجة صدمة واسعة في أوساط ملايين المرشحين حول العالم، ممن كانوا يعولون على هذا المسار القانوني باعتباره أحد آخر أبواب الهجرة النظامية نحو “الحلم الأميركي”. القرار، الذي أعاد إلى الواجهة الخطاب المتشدد لإدارة ترامب بشأن الهجرة، جاء ليقلب حسابات آلاف الأسر ويغذي حالة من القلق والترقب داخل وخارج الولايات المتحدة.
ويُعد برنامج القرعة، الذي أُطلق منذ تسعينيات القرن الماضي، واحداً من أكثر برامج الهجرة شعبية على الصعيد العالمي، إذ يمنح سنوياً عشرات الآلاف من التأشيرات لمواطني دول ذات معدلات هجرة منخفضة نحو أميركا، وفق معايير محددة. غير أن إدارة ترامب لطالما اعتبرت هذا النظام “غير عادل” و“خطراً على الأمن القومي”، معتبرة أنه لا ينسجم مع تصورها القائم على الهجرة الانتقائية المرتبطة بالكفاءة الاقتصادية والمهنية.
تعليق القرعة لا يُقرأ فقط كإجراء إداري مؤقت، بل كخطوة سياسية تحمل دلالات أعمق، خصوصاً في سياق انتخابي يتغذى فيه الخطاب الشعبوي على التخويف من الهجرة وربطها بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية. فترامب، الذي بنى جزءاً كبيراً من شعبيته على وعود تشديد الرقابة على الحدود وإغلاق منافذ الهجرة، يعيد من خلال هذا القرار تأكيد توجهه الصدامي مع سياسات الانفتاح التي تبنتها إدارات سابقة.
على المستوى الإنساني، يضع القرار ملايين الأشخاص أمام مستقبل مجهول، خاصة في دول تعاني من أزمات اقتصادية خانقة أو أوضاع سياسية غير مستقرة، حيث كانت قرعة “غرين كارد” تمثل أملاً واقعياً في تحسين شروط العيش. كما يطرح تساؤلات قانونية حول مصير الملفات التي كانت قيد المعالجة، ومدى إمكانية استئناف البرنامج في حال تغيرت موازين القوى السياسية داخل واشنطن.
أما داخلياً، فقد فجّر القرار نقاشاً جديداً داخل الولايات المتحدة بين مؤيدين يرون فيه حماية لسوق الشغل والأمن، ومعارضين يعتبرونه ضرباً لقيم التنوع والانفتاح التي قامت عليها البلاد. وبين هذا وذاك، يبقى المهاجرون المحتملون هم الخاسر الأكبر، في انتظار ما إذا كان تعليق قرعة “غرين كارد” مجرد محطة عابرة، أم بداية نهاية أحد أقدم مسارات الهجرة القانونية نحو أميركا.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك