أسرار لا تعرفها النساء الحوامل عن قوة المشي والنشاط

أسرار لا تعرفها النساء الحوامل عن قوة المشي والنشاط
المرأة / الأحد 25 مايو 2025 - 15:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل

الحمل ليس مرضًا، بل مرحلة طبيعية في حياة المرأة، تحتاج إلى عناية خاصة ولكن لا تتطلب المبالغة في الراحة أو الكسل. فالحركة، وخصوصًا المشي المنتظم والنشاط الجسدي المعتدل، لها أثر عميق على تسهيل عملية الولادة وتقليل معاناة المخاض.

في مجتمعات كثيرة، ما زالت المرأة تُدفع للبقاء في الفراش طوال فترة الحمل بدعوى “الحذر” و“الحيطة”، دون أن يُدرك المحيطون بها أن هذه النصيحة، وإن بدت نابعة من حرص، قد تكون سببًا في تعقيد الولادة وتفاقم آلامها لاحقًا.

الجسم البشري صُمم ليتحرك. وعند المرأة الحامل، تصبح الحركة ضرورية لتنشيط الدورة الدموية، وتحسين تروية الرحم والمشيمة، مما يساهم في نمو الجنين بشكل صحي ومتوازن، دون مضاعفات مرتبطة بضعف تدفق الدم أو نقص الأوكسجين.

المشي اليومي يساعد على تقوية عضلات الحوض، وتوسيع فتحته تدريجيًا، مما يُسهل مرور الجنين عند بدء المخاض. عضلات قوية ومُهيئة تعني انقباضات أكثر فاعلية وأقل ألمًا، ومدة ولادة أقصر بكثير مما تواجهه النساء الخاملات.

من جانب آخر، الحركة تقي من أمراض عديدة تهدد الحامل، أبرزها السكري الحملي وارتفاع ضغط الدم. كما تُخفف من احتباس السوائل في الأطراف، وتقلل من آلام الظهر التي تُلازم أغلب النساء في الثلث الأخير من الحمل.

النشاط البدني المعتدل يساعد كذلك في تحسين المزاج. فالحمل يُحدث تقلبات نفسية مرهقة، والحركة تُحفز إفراز “هرمونات السعادة” التي تحارب القلق والاكتئاب، وتمنح المرأة طاقة إيجابية تعزز صمودها النفسي والجسدي.

المشكلة أن العديد من النساء، خصوصًا في المناطق المحافظة، يتعرضن لضغوط اجتماعية تعزلهن عن العالم الخارجي، وتفرض عليهن نمط حياة ساكن، وكأنهن قنابل موقوتة يجب وضعها في صندوق زجاجي، وهذا تصور خطير.

التوصيات الحديثة من منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الحوامل، ما لم يكن لديهن مانع طبي، عليهن ممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني الأسبوعي، موزعة على عدة أيام، ويُفضل أن يكون النشاط على شكل مشي أو سباحة أو تمارين تنفس.

الحركة لا تعني التهور، بل تعني الحكمة. فالحامل ليست مطالبة بالجري أو رفع الأثقال، بل فقط بالسير المنتظم، وتمارين التمدد، وتحريك الجسم بوعي، تحت إشراف طبي إن لزم الأمر، ومع الانتباه لأي إشارات إنذار.

في لحظات المخاض، تظهر أهمية الحركة. فالنساء اللواتي تحركن خلال حملهن يتمتعن بقدرة أفضل على اتخاذ الوضعيات المناسبة أثناء الولادة، مما يقلل الحاجة للولادة القيصرية أو التدخلات الطبية العنيفة مثل الشفط أو الشق المهبلي.

الحركة تساعد على نزول رأس الجنين إلى الحوض مبكرًا، مما يُسرّع عملية الولادة ويجعلها أكثر طبيعية. بينما النساء اللواتي لزمن الفراش، غالبًا ما يعانين من تأخر النزول، أو وضعية خاطئة للجنين، مما يهدد سلامة الولادة.

لا يمكن إغفال الجانب النفسي أيضًا، فالحركة تمنح المرأة الحامل شعورًا بالسيطرة والثقة، بينما الراحة المفرطة تبث فيها الضعف والتبعية، مما يزيد من توترها لحظة الولادة، ويؤثر سلبًا على قدرتها على التحمّل والتفاعل.

النساء اللواتي يتمسكن بالحركة والنشاط خلال حملهن، يكتسبن مرونة أفضل، وتنفسًا أعمق، وقدرة أعلى على التركيز والتأقلم مع ألم المخاض، لأن أجسامهن اعتادت على الحركة لا الخمول.

المستشفيات التي تتبنى نماذج الولادة الطبيعية، باتت تشجع النساء على المشي أثناء المخاض، والتحرك بحرية داخل غرف الولادة، لأنه ثبت أن ذلك يُسرّع الولادة، ويقلل الحاجة إلى التخدير أو المحفزات الطبية.

من حق كل امرأة أن تعيش حملها بكرامة ونشاط، وألّا تُفرض عليها العزلة أو السكون كقدر لا مفر منه. ومن واجب الإعلام، والمؤسسات الصحية، والأسر، أن يُعيدوا تعريف الحمل، ليس كفترة ضعف، بل كمرحلة قوة واستعداد لحياة جديدة.

الحركة ليست ترفًا للحامل، بل سلاحها السري لعبور الولادة بأمان وكرامة. إنها مفتاح الولادة السلسة، والجنين الصحي، والأم القوية القادرة على العطاء دون انكسار.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك