أنتلجنسيا:أبو آلاء
دخل ملف السكن المدعم مرحلة جديدة من التشدد، بعدما باشرت المصالح الضريبية تفعيل مساطر الحجز على الحسابات البنكية في حق مستفيدين ثبت إخلالهم بالشروط القانونية المرتبطة بهذا النوع من السكن، في تحول واضح من سياسة التشجيع إلى منطق الزجر واسترجاع المال العمومي.
ووفق معطيات متطابقة، انطلقت حملات ميدانية تقودها مصالح تابعة لوزارة الداخلية لرصد وضعية الشقق التي استفاد أصحابها من إعفاءات ضريبية أو دعم مباشر من الدولة، مع التركيز على المساكن المغلقة لفترات طويلة، أو غير المأهولة فعلياً، أو المستغلة في الكراء غير المصرح به.
وتُحال نتائج هذه المعاينات على الإدارة الجبائية، التي تباشر مسطرة سحب الامتيازات الضريبية، والمطالبة بأداء الضريبة على القيمة المضافة مرفقة بغرامات التأخير، قبل الانتقال إلى التنفيذ الجبري، بما فيه الحجز على الأرصدة البنكية في حال عدم الامتثال.
وتنص القوانين المنظمة للسكن الاجتماعي والاقتصادي المدعم على شروط صارمة، من بينها عدم امتلاك المستفيد لأي عقار آخر، والالتزام بالإقامة الفعلية في الشقة لمدة محددة، مع منع التفويت أو الكراء خلال هذه الفترة.
وأي إخلال بهذه الالتزامات يترتب عنه إلغاء الإعفاءات، واسترجاع مبالغ الضريبة مع زيادات قد تصل إلى 15 في المائة، فضلاً عن إمكانية ترتيب تبعات مالية وقانونية إضافية.
من جهتها، أشارت مصادر مطلعة إلى أن عدداً من المستفيدين حوّلوا برامج الدعم عن غايتها الاجتماعية، وتعاملوا معها كفرصة استثمارية، عبر الاحتفاظ بالشقق فارغة في انتظار ارتفاع أسعارها، أو اللجوء إلى كرائها خارج القنوات القانونية، وهو ما اعتبرته السلطات تحايلاً مباشراً على فلسفة الدعم الموجه أساساً لتأمين سكن رئيسي للأسر.
وفي السياق نفسه، عززت التعديلات القانونية الأخيرة هذا المنحى، حيث شددت مراسلات رسمية صادرة عن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية على عدم تقييد أي عملية تفويت تخص سكناً مدعماً إلا بعد الإدلاء بما يثبت رفع اليد عن الرهن لفائدة الدولة، ضماناً لاسترجاع الدعم في حال الإخلال بالالتزامات، وفق مقتضيات قانون المالية لسنة 2026.
وتخلص المصادر إلى أن إدخال آليات الحجز والتنفيذ الجبري، إلى هذا الملف يعبّر عن إرادة رسمية لوضع حد لسنوات من التساهل، وإغلاق منافذ التحايل، مع توجيه رسالة حازمة مفادها أن الاستفادة من الدعم العمومي ليست امتيازاً دائماً، بل التزاماً مشروطاً يخضع للمراقبة والمحاسبة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك