أسهم تربح في صمت وأخرى تنزف بثقل الأرقام.. والدرهم بين كماشة الأورو وصعود الدولار

أسهم تربح في صمت وأخرى تنزف بثقل الأرقام.. والدرهم بين كماشة الأورو وصعود الدولار
اقتصاد / الاثنين 07 يوليو 2025 - 19:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الدار البيضاء

في مشهد مالي يطبعه التذبذب والحذر، واصلت بورصة الدار البيضاء أسبوعها وسط مؤشرات مختلطة بين أسهم رابحة تسلقت سلم المكاسب بهدوء، وأخرى منيت بخسائر ثقيلة تعكس هشاشة ثقة المستثمرين في بعض القطاعات. وفي المقابل، سجل الدرهم المغربي تحركات لافتة أمام العملات الرئيسية، بين ضغوط ارتفاع الدولار وتذبذب الأورو، ما أضاف مزيدًا من التوتر إلى المزاج الاقتصادي العام.

الأسهم الرابحة: صعود حذر وتحركات انتقائية
على رأس الأسهم الرابحة، برز سهم "طاقة المغرب" الذي استفاد من التحسن النسبي في قطاع الطاقة وارتفاع الطلب على الكهرباء، حيث سجل صعودًا ملحوظًا مدفوعًا بإعلانات إيجابية حول النتائج النصف سنوية. كما سجل سهم "لوسيور كريستال" أداءً جيدًا، مستفيدًا من استقرار سلاسل التوريد وارتفاع هوامش الربح بعد تراجع نسبي في أسعار المواد الأولية.

أما أسهم البنوك، فقد شهدت انتعاشًا محدودًا قادته "البنك الشعبي المركزي" الذي استفاد من زيادة في الأرباح الصافية وتوسع في القروض الموجهة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة. وساهم ارتفاع الفائدة البنكية في تعزيز مردودية هذه المؤسسات، رغم تراجع الطلب الاستثماري.

قطاع التأمين بدوره سجل أداءً مستقرا مع ميول إيجابي، حيث لامس سهم "أطلنطا سند" مستويات مشجعة بفضل ارتفاع أقساط التأمين وتوسع قاعدة الزبناء. وجاء هذا الصعود في سياق عام يتسم بمحاولة المستثمرين البحث عن ملاذات آمنة وسط تقلبات القطاعات الأكثر هشاشة.

الأسهم الخاسرة: نزيف في بعض القطاعات الحساسة
في المقابل، كانت الخسائر أكثر قسوة في قطاعات العقار والسياحة والصناعة الثقيلة. فقد تراجع سهم "ريسما" بشكل واضح، متأثرًا بتباطؤ التعافي في قطاع السياحة وضعف الإشغال الفندقي، بينما واصل سهم "إدج" النزيف بعد إعلان تراجع في الأرباح وضعف ملحوظ في نشاط الأشغال العمومية.

أسهم شركات العقار مثل "أليانس" و"دجى الإقامة" لم تنجُ بدورها من الخسائر، بفعل استمرار الجمود في مبيعات العقارات وانكماش السوق رغم الإجراءات الحكومية الأخيرة. كما أثرت الشكوك حول القدرة على تصريف المخزون العقاري وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين على أداء هذه الشركات.

أما الصناعات التحويلية، وخاصة المواد الكيميائية والمعادن، فقد سجلت تراجعات متتالية تحت ضغط ضعف الطلب الخارجي وارتفاع كلفة الاستيراد بفعل تغيرات سعر الصرف، وهو ما جعل بعض المستثمرين يعيدون تموضعهم خارج هذه المجالات.

قيمة الدرهم: بين مطرقة الدولار وسندان الأورو
على صعيد سعر الصرف، شهد الدرهم المغربي تراجعًا أمام الدولار الأمريكي نتيجة قوة العملة الأمريكية في الأسواق العالمية، مدفوعة بقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة، مما جعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.

هذا التراجع في قيمة الدرهم أمام الدولار أثر بشكل مباشر على كلفة الواردات، خاصة المحروقات والمنتجات الصناعية، ما زاد من الضغوط التضخمية الداخلية. في المقابل، سجل الدرهم بعض المكاسب الطفيفة أمام الأورو، مدعومًا بتباطؤ الاقتصاد الأوروبي وتراجع ثقة المستثمرين في مستقبل النمو في منطقة اليورو.

ويشكل هذا التفاوت في الأداء بين الأورو والدولار تحديًا إضافيًا لبنك المغرب، الذي يجد نفسه مضطرًا للتدخل بشكل دقيق لضبط توازن سعر الصرف، دون المساس بالاحتياطيات أو التسبب في اضطرابات بالسوق الداخلي.

سوق يتأرجح بين الترقب والمراهنة
تتسم المرحلة الراهنة في بورصة الدار البيضاء بطابع الترقب، إذ يفضل المستثمرون التريث بانتظار مؤشرات أوضح حول تطورات الاقتصاد الوطني والسياسات المالية للحكومة، فضلًا عن مدى تأثير الوضع الاقتصادي العالمي على الأسواق الناشئة.

ويرى عدد من المحللين أن البورصة لا تزال بحاجة إلى نفس جديد، عبر إدراجات جديدة وتنويع المنتجات المالية، وإصلاحات تعزز مناخ الثقة، وتوسيع قاعدة المستثمرين لتشمل الأفراد وصناديق الاستثمار الصغيرة والمتوسطة. فاستمرار الاعتماد على المؤسسات الكبرى فقط يجعل السوق عرضة للتقلبات العنيفة وغير المنتظمة.

المشهد المالي
بورصة الدار البيضاء تقف في مفترق طرق: بين أسهم صامدة تحاول شق طريقها وسط العواصف، وأخرى تتهاوى بفعل تراكم الضغوط. أما الدرهم، فهو يعكس بدوره هشاشة التوازنات النقدية أمام تغيرات العالم الخارجي. وبين هذا وذاك، تبقى الكلمة الفصل للمستثمرين الذين يبحثون عن إشارات طمأنة حقيقية، وليس فقط وعودًا عابرة على منصات التصريحات الرسمية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك