مغرب على حافة الأزمة؟ خمسة أشهر الأولى من 2025 تكشف فشل حكومة أخنوش في كبح التدهور الاقتصادي والمالي

مغرب على حافة الأزمة؟ خمسة أشهر الأولى من 2025 تكشف فشل حكومة أخنوش في كبح التدهور الاقتصادي والمالي
اقتصاد / السبت 31 مايو 2025 - 15:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

شهدت الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 سلسلة من المؤشرات السلبية التي تؤكد دخول المغرب في مرحلة مالية واقتصادية دقيقة، وسط تصاعد الانتقادات لأداء حكومة عزيز أخنوش، التي تجد نفسها أمام وضع متأزم يحمل بصمات سياسات توصف بالعشوائية والانفصال عن واقع المواطنين.

فمن ارتفاع المديونية، إلى تفاقم عجز الميزانية، وتباطؤ النمو، تبدو الحكومة عاجزة عن إيقاف النزيف، فيما يدفع المواطن ثمن الاختيارات الاقتصادية الفاشلة.

العجز المالي يتسع.والديون تثقل كاهل الدولة

كشفت بيانات وزارة المالية عن تفاقم العجز في الميزانية العمومية خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025، حيث بلغ العجز حوالي 43 مليار درهم، بزيادة مقلقة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. ويعزى هذا الارتفاع إلى ارتفاع النفقات الجارية، خصوصاً المتعلقة بالرواتب والدعم، مقابل تراجع نسبي في العائدات الضريبية، رغم الوعود الحكومية بتوسيع الوعاء الضريبي وتحسين التحصيل.

إلى جانب ذلك، ارتفع حجم الدين العمومي الإجمالي إلى مستويات غير مسبوقة، متجاوزاً 1.1 تريليون درهم، وهو ما يطرح علامات استفهام حول استدامة السياسة المالية الحالية، في ظل غياب إجراءات هيكلية لتقليص الإنفاق غير المنتج وتحفيز النمو الفعلي.

الاقتصاد في حالة تباطؤ.والنمو يظل حبراً على ورق

على الرغم من التوقعات الرسمية التي تحدثت عن نمو بنسبة 3.4% خلال سنة 2025، إلا أن المؤشرات الواقعية تنذر بتباطؤ فعلي. القطاع الفلاحي تأثر سلباً بموسم جاف جديد، فيما تراجعت وتيرة الاستثمارات في القطاعات الصناعية والخدماتية، في ظل مناخ من عدم اليقين السياسي والضريبي.

كما أن وتيرة خلق فرص الشغل ظلت دون المستوى المطلوب، حيث أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة بلغ 13.5% خلال الفصل الأول من السنة، مع ارتفاع حاد في بطالة الشباب التي قاربت 33%، وهو ما يعكس فشل البرامج الحكومية المعلنة مثل “فرصة” و”أوراش” في تحقيق أهدافها الحقيقية.

غلاء المعيشة.والمواطن في قلب الأزمة

شهدت أسعار المواد الأساسية ارتفاعاً جديداً خلال الشهور الأخيرة، حيث سجّلت مؤشرات التضخم مستويات مقلقة، خصوصاً في قطاعات التغذية والنقل والسكن. وبحسب بنك المغرب، بلغ معدل التضخم حوالي 5.2% مع نهاية شهر ماي 2025، متأثراً بتقلب أسعار الطاقة والمواد الأولية، إلى جانب ضعف الرقابة على سلاسل التوريد.

وفي الوقت الذي وعدت فيه حكومة أخنوش بتحسين القدرة الشرائية للمواطن، لم يلمس المغاربة أي تحسن فعلي، بل على العكس، ازدادت معاناة الطبقة الوسطى، وارتفعت معدلات الفقر والهشاشة في عدة جهات من المملكة.

أين ذهبت "كفاءة" الحكومة؟

رفعت حكومة أخنوش منذ تعيينها شعار "حكومة الكفاءات"، لكن الأداء الواقعي أظهر محدودية فادحة في تدبير الملفات الكبرى، سواء في المجال المالي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. ويرى عدد من المراقبين أن الحكومة الحالية أخفقت في الاستفادة من الفرص الهيكلية التي قدمتها الأزمات العالمية، وفشلت في بلورة نموذج اقتصادي فعّال يوازن بين النمو والتنمية الاجتماعية.

كما تعيش الحكومة أزمة ثقة غير مسبوقة، حيث أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن نسبة الرضا عن أداء الفريق الحكومي لا تتجاوز 30%، مقابل مطالب شعبية واسعة بإعادة ترتيب الأولويات ومساءلة الوزراء المعنيين بالقطاعات الاقتصادية والمالية.

غياب الشفافية وتضارب المصالح

في ظل هذه الأزمة، تتعالى أصوات تطالب بالكشف عن تفاصيل تدبير المال العام، خاصة ما يتعلق بصفقات الاستثمارات العمومية ومخصصات الدعم المباشر. كما يثير مراقبون مسألة تضارب المصالح داخل الحكومة، خاصة أن عدداً من الوزراء ينتمون إلى دوائر رجال الأعمال، مما يجعل استقلال القرار الاقتصادي محل شكّ دائم.

التقرير الأخير لمؤسسة "تشاندلر" الدولية حول جودة الحكامة، صنّف المغرب في مرتبة متأخرة (75 من أصل 120 دولة)، مسجلاً تراجعاً بخمس مراتب عن السنة السابقة، وهو ما يعكس ضعف مؤسساتي في الشفافية والفعالية ورضا المواطنين.

الحاجة إلى بديل اقتصادي وسياسي

الوضعية الحالية تفرض على الدولة، بشقيها التنفيذي والتشريعي، التفكير في بديل اقتصادي جدي ومتكامل، يقوم على أسس الشفافية، والمحاسبة، والنهوض بالإنتاج المحلي، مع إصلاح عميق لمنظومة الضرائب، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية.

ولن يكون ذلك ممكناً، بحسب محللين، دون تغيير في العقلية السياسية التي تُدير البلاد اليوم، والقطع مع منطق الريع والتحكم في القرار الاقتصادي من طرف لوبيات المصالح.

في المحصلة، يبدو أن حكومة أخنوش، التي جاءت محمّلة بوعود الرفاه والتنمية، دخلت مرحلة دقيقة من عمرها، يُطرح فيها السؤال بشكل مباشر: هل تستطيع تصحيح المسار قبل فوات الأوان؟ أم أن المغرب مقبل على أزمة أشدّ من أن تُعالج بسياسات ترقيعية؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك