عجز الميزانية يتفاقم..هل دخلت مالية الدولة مرحلة الإنذار؟

عجز الميزانية يتفاقم..هل دخلت مالية الدولة مرحلة الإنذار؟
اقتصاد / الأحد 25 مايو 2025 - 18:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي

كشفت وزارة الاقتصاد والمالية عن تفاقم عجز الميزانية عند نهاية أبريل 2025 ليبلغ 17,5 مليار درهم، مقارنة بـ6,1 مليارات درهم فقط في الفترة نفسها من العام الماضي. هذه الأرقام تثير تساؤلات مقلقة حول التوازن المالي للمملكة وقدرتها على التحكم في ارتفاع النفقات الذي فاق بشكل كبير وتيرة تحصيل المداخيل.

ووفق المعطيات الرسمية الواردة في التقرير الشهري حول "وضعية التحملات وموارد الخزينة"، فإن هذا العجز المسجل يعكس اختلالًا واضحًا في التوازن بين النفقات والمداخيل. فقد ارتفعت النفقات العامة بما يناهز 31 مليار درهم، مقابل زيادة في الإيرادات لا تتجاوز 19,5 مليار درهم، أي بفارق سلبي يزيد عن 11 مليار درهم.

المداخيل، ورغم تسجيلها لزيادة محترمة بنسبة 17,1% مقارنة بنهاية أبريل 2024، ومعدل إنجاز يقارب 34% من توقعات قانون المالية، لم تكن كافية لتغطية تصاعد الإنفاق. وقد بلغت هذه الإيرادات ما يقارب 133 مليار درهم، لكنها تبقى دون سقف الحاجيات المالية للدولة في ظل الظروف الراهنة.

أما على مستوى النفقات، فقد بلغت المصاريف العادية 131,4 مليار درهم، بارتفاع ضخم يُقدّر بـ27,8 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية، وهو ما يعادل معدل إنجاز بنسبة 37,1%. هذا التصاعد ارتبط أساسًا بارتفاع نفقات السلع والخدمات بـ27,6 مليار درهم، إلى جانب زيادة ملموسة في فوائد الدين بنسبة 27,5%، أي ما يعادل حوالي 3 مليارات درهم إضافية.

اللافت في الأرقام أيضًا هو التراجع الكبير في كلفة المقاصة، التي انخفضت بـ2,8 مليار درهم، ما يمثل تراجعًا بنسبة 25,9%، في وقت يُنتظر فيه من الدولة مواصلة دعمها للفئات المتضررة من غلاء المعيشة. وفيما يخص تفاصيل الإنفاق على السلع والخدمات، فقد حققت نفقات الموظفين معدل إنجاز بـ32,3%، في حين بلغت نسبة الإنجاز الخاصة بـ"السلع والخدمات الأخرى" 45,4%، مما يعكس ضغطًا حقيقيًا على النفقات التشغيلية للدولة.

وفي المقابل، سجلت فوائد الدين بدورها ارتفاعًا، إذ بلغت نسبة الإنجاز 32,2%، مع تسجيل زيادة كبيرة في فوائد الدين الداخلي بمقدار 3,2 مليار درهم، مقابل انخفاض طفيف في فوائد الدين الخارجي بقيمة 224 مليون درهم.

هذه الأرقام تؤكد أن المغرب يعيش مرحلة دقيقة من حيث توازن المالية العمومية، في ظل ارتفاع كلفة التسيير وتزايد الأعباء المرتبطة بخدمة الدين. وبالرغم من المجهودات المبذولة على مستوى تعبئة الموارد، فإن الفجوة المتنامية بين الإيرادات والنفقات قد تضع الحكومة أمام خيارات صعبة مستقبلاً، خاصة إذا استمرت وتيرة الإنفاق في التصاعد دون إصلاحات هيكلية عاجلة.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الحكومة في كبح جماح هذا العجز والحد من تضخم النفقات في الأشهر المقبلة، دون المساس بالقطاعات الاجتماعية الحيوية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن مآلات هذا التحدي المالي الكبير

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك