أنتلجنسيا المغرب:الرباط
في تطور لافت يعكس دينامية مالية ملحوظة، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية أن المداخيل الضريبية في المغرب بلغت مع متم أبريل 2025 ما يفوق 122.59 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعاً نسبته 19.3% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. هذا الأداء اللافت شكّل 38.3% من مجموع ما هو متوقع في قانون المالية السنوي، ما اعتبرته الحكومة مؤشراً إيجابياً على فعالية منظومة التحصيل. لكن هذا المعطى، رغم زخمه المالي، يثير في المقابل تساؤلات حقيقية حول انعكاسه على المستوى المعيشي للمواطن المغربي، خاصة في ظل ظرفية اقتصادية صعبة.
البيانات الرسمية الصادرة عن الوزارة كشفت عن طفرة كبيرة في مختلف أنواع الضرائب، حيث سجلت الضريبة على الشركات ارتفاعاً حاداً بلغ 34.1%، أي ما يعادل 9.2 مليار درهم إضافية، بفضل زيادة استثنائية في عمليات التحصيل التلقائي التي بلغت 11 مليار درهم. ويُعزى هذا الأداء إلى ارتفاع التسويات الجبائية والدفعات الأولى، حيث قفزت الأولى إلى 6.7 مليار درهم بزيادة تفوق 53%، والثانية إلى 3.8 مليار درهم بارتفاع تجاوز 38%. كما ارتفعت مبالغ الاسترداد من الضريبة على الشركات إلى 2.5 مليار درهم، أي أزيد من ضعف ما سُجّل في الفترة نفسها من السنة الماضية.
أما الضريبة على الدخل، فقد عرفت بدورها نمواً بـ6.6 مليار درهم، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 32.1%، ويعكس إلى حد كبير تأثير التسوية الطوعية التي ساهمت بـ3.8 مليار درهم في يناير فقط، فضلاً عن تحسن الأداء الإداري في تحصيل الضرائب بمختلف أنواعها. وسجلت هذه الضريبة معدل إنجاز بلغ 44.9%، وهو ما يعكس تسارع وتيرة التحصيل في بداية السنة.
وبالنسبة للضريبة على القيمة المضافة، فقد سجلت مداخيلها ارتفاعاً طفيفاً بمقدار 1.6 مليار درهم، رغم تفاوت في مصادرها، إذ ارتفعت المداخيل المرتبطة بالاستيراد بـ2 مليار درهم، بينما تراجعت تلك المتعلقة بالتداول الداخلي بـ440 مليون درهم. وقد بلغ حجم التسديدات الخاصة بهذه الضريبة ما مجموعه 4.8 مليار درهم، مقابل 2.7 مليار فقط السنة الماضية، ما يُظهر مجهوداً واضحاً في تصفية المتأخرات المتعلقة بها.
أما الضرائب الداخلية على الاستهلاك، فقد ارتفعت بـ1.3 مليار درهم، أي ما نسبته 12.3%، خصوصاً من خلال ارتفاع الضريبة على المنتجات الطاقية التي وحدها ساهمت بـ906 ملايين درهم إضافية. الرسوم الجمركية أيضاً شهدت نمواً بـ350 مليون درهم، أي 6.9%، بينما عرفت رسوم التسجيل والتنبر ارتفاعاً بـ463 مليون درهم، ما يمثل 5.4%.
ورغم هذا التحسن الملحوظ في الأداء الجبائي، فإن المداخيل غير الضريبية عرفت تراجعاً طفيفاً بلغ 414 مليون درهم، لتستقر عند 9.6 مليار درهم، أغلبها تم تحويله من مؤسسات عمومية كـبنك المغرب (3.8 مليار درهم) والوكالة الوطنية للتحفيظ العقاري (1 مليار درهم).
هذا الزخم في المداخيل يطرح مفارقة مزعجة: أرقام قياسية في التحصيل، ولكن دون انعكاس واضح على حياة المواطن، الذي لا يزال يعاني من ارتفاع الأسعار والبطالة وتآكل القدرة الشرائية. وبينما تؤكد الحكومة أنها تعزز مواردها لتغطية التزامات اجتماعية واقتصادية، فإن المواطن يتساءل إن كانت هذه المداخيل ستترجم فعلاً إلى تحسين ملموس في الخدمات العمومية وتخفيف العبء المعيشي المتزايد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك