رمضان 2025..الحكومة المغربية توازن بين الإنتاج المحلي والاستيراد لضمان استقرار الأسواق

رمضان 2025..الحكومة المغربية توازن بين الإنتاج المحلي والاستيراد لضمان استقرار الأسواق
اقتصاد / الثلاثاء 04 مارس 2025 - 16:15 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:منير الدايري

انطلق شهر رمضان 2025 يوم الأحد 2 مارس، وبعد يوم واحد فقط، تجد الحكومة المغربية نفسها أمام اختبار حقيقي لضمان استقرار الأسواق وسط مخاوف من عدم كفاية العرض لتلبية الطلب المتزايد. في هذا السياق، كشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، عن خطة حكومية لمواجهة الخصاص المتوقع في بعض المواد الغذائية الأساسية، تشمل تعزيز الإنتاج المحلي أو اللجوء إلى الاستيراد الاستثنائي مع تعديل الرسوم الجمركية. تصريحات الوزيرة، التي جاءت ردًا على سؤال من فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، تسلط الضوء على استراتيجية مرنة، لكنها تثير تساؤلات حول جاهزية التنفيذ في ظل الضغط الموسمي الذي بدأ بالفعل.  

بداية رمضان وأولى علامات الخصاص

مع دخول رمضان يومه الثاني، بدأت بوادر التحدي تظهر في الأسواق المغربية. الطلب المتزايد على اللحوم، الزيوت، والتمور، وهي من المواد الأساسية في المائدة الرمضانية، يواجه عرضًا محليًا محدودًا، نتيجة سنوات من الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج. تصريح الوزيرة بأن "عدم تغطية العرض المتوفر للطلب المنتظر" قد يؤدي إلى نقص في بعض السلع يعكس واقعًا اقتصاديًا معقدًا، حيث يصطدم الاستهلاك الموسمي بعوامل هيكلية مزمنة. في اليوم الأول من رمضان، أفادت تقارير محلية بارتفاع أسعار بعض المنتجات الأساسية، مثل اللحوم الحمراء التي تجاوزت 110 دراهم للكيلوغرام في بعض المدن، مما يضع الحكومة تحت ضغط فوري للتدخل.  

الإنتاج المحلي: حل طويل الأمد في مواجهة أزمة عاجلة

أكدت نادية فتاح أن الحكومة تعتزم "الرفع من الإنتاج المحلي" كجزء من الحلول المطروحة. هذا التوجه يعبر عن طموح لتعزيز الاكتفاء الذاتي، لكنه يصطدم بحدود الواقع الراهن. فالقطاع الفلاحي، الذي يعاني من تراجع الموارد المائية وتدهور الثروة الحيوانية، لم يشهد تحسنًا كبيرًا رغم الجهود الحكومية الأخيرة. على سبيل المثال، تقلص القطيع الوطني من الأغنام والأبقار في السنوات الماضية أدى إلى اعتماد متزايد على السوق الخارجية، وهو ما يجعل فكرة زيادة الإنتاج المحلي في غضون أيام أو أسابيع غير واقعية.

في هذا السياق، يرى محللون اقتصاديون أن تعزيز الإنتاج يتطلب استثمارات مكثفة في الري الحديث ودعم المزارعين، وهي خطوات تحتاج إلى أشهر أو سنوات لتؤتي ثمارها. في اليوم الثاني من رمضان، يبدو أن هذا الخيار لن يكون كافيًا لتلبية الاحتياجات الملحة، مما يدفع الحكومة نحو البديل الثاني.

الاستيراد الاستثنائي: رد فعل سريع بتحديات مألوفة

كشفت الوزيرة عن استعداد الحكومة لتفعيل "الاستيراد بشكل استثنائي"، مصحوبًا بـ"تقليص أو تعليق الرسوم الجمركية" على المواد المستوردة. هذا الإجراء، الذي سبق أن لجأت إليه الحكومة في السنوات الأخيرة، يهدف إلى ضخ كميات إضافية من السلع في الأسواق بسرعة. ففي إطار مشروع قانون المالية 2025، تم الإعلان عن إعفاءات جمركية على استيراد المواشي، وهو ما قد يُفعَّل الآن لضمان توفير اللحوم بأسعار معقولة خلال رمضان.

لكن التجارب السابقة تكشف عن ثغرات في هذا النهج. في 2024، أدى استيراد اللحوم إلى استقرار مؤقت في العرض، لكن الأسعار لم تنخفض بشكل ملحوظ بسبب ضعف الرقابة على الموزعين والتجار. تصريح الوزيرة بأن الاستيراد سيخضع "لشروط معينة" يشير إلى محاولة معالجة هذه الإشكالية، ربما عبر فرض تسقيف للأسعار أو ضوابط صارمة على التوزيع. مع ذلك، يبقى السؤال: هل ستنجح هذه الشروط في ضمان وصول السلع المستوردة إلى المستهلك بتكلفة مناسبة في ظل الضغط الراهن؟  

ضغط اجتماعي واقتصادي في بداية الشهر الفضيل

مع بدء رمضان، يتزايد الضغط الاجتماعي على الحكومة لضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل توقعات بتضخم موسمي. الوزيرة، التي سبق أن أعلنت عن توقعات بنمو اقتصادي يصل إلى 4.6% في 2025، تواجه الآن تحديًا مباشرًا في إثبات قدرة الحكومة على تحويل هذه الأرقام إلى نتائج ملموسة على الأرض. ارتفاع أسعار السلع في اليوم الأول من رمضان يضع هذه الاستراتيجية تحت المجهر، حيث ينتظر المغاربة تدخلاً حكوميًا عاجلاً يترجم الوعود إلى واقع. 

اختبار مبكر لاستراتيجية الحكومة

في ثاني أيام رمضان 2025، تبرز تصريحات نادية فتاح العلوي كخارطة طريق لمواجهة الخصاص، لكن نجاحها يتوقف على سرعة التنفيذ وفعالية الرقابة. بين طموح تعزيز الإنتاج المحلي وحلول الاستيراد الاستثنائي، تقف الحكومة أمام اختبار مبكر يحدد مدى قدرتها على تحقيق التوازن بين الاقتصاد والاحتياجات الاجتماعية. فيما يواصل المواطن المغربي متابعة تطورات الأسواق، تبقى الأيام المقبلة حاسمة لتقييم ما إذا كانت هذه الإجراءات ستنجح في تهدئة القلق وضمان رمضان مستقر.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك