أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
في مختلف المدن المغربية، تحولت
التساقطات المطرية القوية إلى مرآة صادمة عكست هشاشة البنية التحتية وعمق
الاختلالات المتراكمة لسنوات في مختلف مدن المغرب، حيث غرقت الشوارع، وتشققت
الطرق، وتسرب الخوف إلى البيوت المتآكلة، فبدا المواطن المغربي وحيدًا في مواجهة
الطبيعة، محاصرًا بالإهمال وسوء التدبير وغياب الاستعداد الحقيقي للطوارئ.
في خضم هذا المشهد القاتم الممل، عاد
إلى الواجهة ذلك التناقض الصارخ الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، حين استُحضر
أسطول الشاحنات الوقاية المدنية وخيرة الأطر ووسائل الإغاثة التي شارك بها المغرب
في إنقاذ مواطنين إسبان في دولتهم خلال فيضانات مدمرة السنة الماضية، أودت بحياة
العشرات، مقابل غياب العتاد نفسه اليوم في مدن مغربية يغمرها الماء ويهدد سكانها
الموت تحت الأنقاض.
المفارقة ازدادت حدة حين خرج مسؤول
ترابي ليختزل المأساة في وعود بتكفل بمصاريف الدفن والتطبيب، وكأن دور الدولة يبدأ
بعد الكارثة لا قبلها، بينما السياسي الحكومي يدس رأسه في التراب اليوم، وكأن
أرواح المواطنين لا تستحق الوقاية والحماية بقدر ما تستحق التعويض بعد الفاجعة، في
منطق يشرعن التقصير ويطبع مع الكارثة.
إن مهمة العامل ليست توزيع الوعود بعد
سقوط الضحايا، بل ضمان بنية تحتية صلبة، ومراقبة أوراش البناء، ومحاسبة الغش
المستشري، كما أن مسؤولية الدولة تفرض إخراج كل العتاد المدني والعسكري وقت
الضرورة ويصبح المواطن مهددًا بالموت داخل مسكن شُيّد بالإهمال أو تُرك عرضة
للانهيار، لأن كرامة المواطن تبدأ من حقه في الحماية لا من تكلفة دفنه.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك