أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن المغرب انتقل من مجرد شعارات وخطابات حول محاربة الفساد إلى تقنينه وحماية المفسدين، محملة النيابة العامة والمؤسسات الدستورية المسؤولية المباشرة في مواجهة هذه الآفة.
ورغم توقيعه على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لا يزال المغرب يحتل مراتب متأخرة دوليًا، حيث جاء في المرتبة 99 من أصل 180 دولة في مؤشر الفساد لعام 2024، لتصبح هذه الظاهرة سمة مهيمنة على مختلف مفاصل الدولة.
قمع الشباب وتعطيل مطالب العدالة
جاء اليوم الدولي لمحاربة الفساد في سياق حملة اعتقالات واسعة طالت شباب جيل "زد"، الذين خرجوا للاحتجاج على الفساد وتردي الخدمات الأساسية، والمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن نهب المال العام.
لكن هذه المطالب المشروعة وُوجهت بالقمع والمتابعات، ومحاكمات تفتقر لأبسط شروط العدالة، ما يعكس تناقضًا صارخًا بين الشعارات الدولية لحقوق الإنسان وبين الممارسة المحلية، ويقوض حق الشباب في التعبير والمشاركة في بناء مجتمع عادل ونزيه، حسب ما جاء في تقرير سنوي لـ"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
التدخل الفج في السياسة والإعلام
وحذرت الجمعية من استمرار الدولة في ممارسة الاعتقال السياسي وقمع حرية الرأي والتعبير، والتضييق على الصحافة والمجتمع المدني، والتحكم في الخرائط السياسية والحزبية والإعلامية، واستخدام المال العام لدعم الموالين وعرقلة كل دينامية تسعى للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقد أسفر هذا التدخل عن استشراء الفساد في العمليات الانتخابية، من شراء الأصوات وتزكية اللوائح إلى التحكم في نتائج الانتخابات وتقسيم الدوائر بما يخدم مصالح نخبة محددة.
فضائح مالية واقتصادية مستمرة
لفت التقرير المذكور الانتباه، إلى ما وصفه بتوالي الفضائح التي تكشف الفساد المالي والاقتصادي، بدءًا من تقارير الصحافة الاستقصائية والمجلس الأعلى للحسابات، وصولًا إلى لجان تقصي الحقائق وهيئات الدولة والمجتمع المدني، التي كشفت عن ملفات مثيرة تشمل تبادل الشيكات بين المسؤولين وصفقات الأدوية وتحلية المياه المشبوهة، وغيرها من ملفات اختلاس المال العام.
الفساد انتهاك لحقوق المواطنين
حذر حقوقيو الجمعية من أن الفساد لا يمثل مجرد اختلال إداري أو مالي، بل هو انتهاك صارخ للحقوق الأساسية للمواطنين، بما في ذلك الحق في العيش الكريم والعدالة والمساواة أمام القانون، والحق في الحصول على الخدمات العمومية الأساسية.
فالفساد يقوض العدالة الاجتماعية ويعيق التنمية الاقتصادية ويزيد الفقر والهشاشة ويكرس التمييز.
دعوات عاجلة لمحاسبة الفاسدين وحماية المبلغين
دعت الهيأة الحقوقية، النيابة العامة إلى ممارسة مهامها وإجراء التحقيقات اللازمة، وإخبار الرأي العام بنتائجها.
كما طالبت الهيئات الدستورية بالنهوض بمسؤولياتها في مكافحة الفساد، وشددت على أن القضاء على هذه الآفة يتطلب مشاركة المجتمع بأكمله، بما في ذلك تشريعات تضمن حماية المبلغين عن الفساد وتوفير الدعم القانوني والنفسي لهم، وضمان استقلالية وحيادية هيئات الرقابة، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في اختلاس المال العام واسترداد الأموال المنهوبة.
الشفافية والوضوح الطريق الوحيد للخروج من الأزمة
حذرت الجمعية كذلك، من استمرار السياسات التي تعتمد التستر على الحقائق وترويج الأكاذيب، معتبرة أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وهدر الموارد والطاقات الوطنية.
وختمت بالمطالبة بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وفي مقدمتهم معتقلي حراك الريف، كخطوة أساسية لإعادة الثقة إلى المجتمع المدني ومواصلة النضال ضد الفساد.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك