أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي/م.كندا
في عز صيف يزداد لهيبه سنة بعد أخرى،
تبرز شجرة "الأفوكادو" كمستهلك شره للماء، تُروى بكرم بالغ بينما تتقشف
الأرض ويصرخ الفلاح الصغير من الجفاف.
هذه الشجرة الاستوائية، التي دخلت بعض
المناطق الفلاحية بالمغرب بدعوى تحقيق الربح السريع، تحتاج في فصل الصيف وحده إلى
كميات ماء مهولة تتراوح بين 1.000 و1.200 لتر يومياً لكل شجرة، في حين أن أشجاراً
أخرى مثمرة مثل الزيتون، الرمان، التين أو اللوز، تكتفي بأقل من ثلث هذه الكمية
دون أن تفقد إنتاجيتها أو جودتها.
ما يثير الاستغراب، بل الغضب أحياناً،
هو استمرار تشجيع زراعة الأفوكادو في مناطق تعاني شحاً مائياً بنيوياً، كالساحل
المتوسطي وبعض سهول الغرب، حيث أصبحت هذه الزراعة تستهلك المياه الجوفية بشكل سريع
ومهدِّد، دون مراعاة لحاجيات الساكنة أو التوازن البيئي.
هنا، لم يعد النقاش فقط حول الربح والخسارة، بل
حول أخلاقيات التدبير وسيادة القرار الفلاحي الوطني.
الغريب أن الدولة نفسها، من خلال بعض
برامجها أو عبر تساهلها مع الشركات الفلاحية الكبرى، تسمح بتوسيع زراعة هذه
الأشجار العطشانة، رغم أنها موجهة في الغالب للتصدير ولا تخدم الأمن الغذائي
الوطني. وفي المقابل، تُهمل زراعات تقليدية أقل استهلاكاً للماء وأكثر ملاءمة
للبيئة المغربية، إما بعدم الدعم أو بعدم الترويج.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك