أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي
تعيش الفلاحة المغربية هذه السنة
واحدة من أسوأ مراحلها، إذ اجتمعت عليها نكبات الطقس بين تساقطات مطرية مباغتة
وموجات حرارة خانقة، لتدفع القطاع الفلاحي نحو أزمة خانقة تهدد الأمن الغذائي
للملايين. لم تعد الأرض تُنبت كما كانت، ولم يعد الفلاح يثق في رزق السماء كما
عهد، فالموسم الفلاحي الحالي انقلب إلى كابوس، عنوانه العجز والخسارة والتوجس من
المستقبل.
التساقطات المطرية التي كان يُنتظر أن
تحيي الآمال، جاءت متأخرة وفي غير أوانها، لتتحول من نعمة إلى نقمة. فقد تساقطت
الأمطار بشكل غير منتظم، دمرت مزروعات في طور الإزهار، وتسببت في انتشار أمراض
فطرية ضربت العديد من المحاصيل، خصوصًا الحبوب والبقوليات. لم يعد للمزارعين توازن
في جدولة أعمالهم الفلاحية، إذ اختلطت عليهم الفصول ولم تعد دورة الزرع والحصاد
تُحترم كما في السابق.
من جهة أخرى، ساهمت موجات الحرارة غير
المسبوقة في تعميق الجراح، حيث تسببت في جفاف الأراضي وتلف مزروعات الخضر، خصوصًا
الطماطم والبطاطس والفلفل، ما أدى إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار في الأسواق
بشكل صاروخي. المزارعون الصغار وجدوا أنفسهم عاجزين أمام تكاليف الري المرتفعة
وعجزهم عن إنقاذ حقولهم من الذبول، لتتحول أراضيهم إلى صحراء صامتة تبكي خساراتها.
التقلبات الجوية لم تقتصر على الخسائر
الميدانية فقط، بل فجّرت غضبًا واسعًا في صفوف الفلاحين الذين طالبوا الدولة بتدخل
عاجل وفعّال، لا يكتفي بالوعود والدعم الموسمي، بل بإستراتيجية إنقاذ حقيقية تعتمد
على تنويع مصادر المياه، وتحديث آليات المواكبة، وتوفير تعويضات عادلة ومتوازنة.
قطاع الفلاحة، باعتباره عصب الاقتصاد الوطني، لم يعد يتحمّل الانتظار أو الحلول
الترقيعية.
اليوم، يقف المغرب على عتبة مأزق
فلاحي حاد، حيث لم تعد الأرض تعطي كما كانت، ولا السماء تنزل خيراتها في موعدها،
في وقت يواجه فيه الفلاحون وحدهم مصيرهم وسط صمت رسمي خانق. ومع استمرار الفوضى
المناخية، يبقى السؤال الصامت في أذهان الجميع: من ينقذ "المغرب الأخضر"
من الجفاف، ومن الخسارة، ومن الموت البطيء؟
Top of
Form
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك