أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
في جلسة ساخنة، لم تتجاوز ساعتين رغم
إعلان ست ساعات حسب ورقة الجدول، عقد مجلس جماعة سيدي يحيى الغرب اجتماعه الفريد
يوم الجمعة 2 ماي 2025، حيث طُرحت قضايا حساسة تتجاوز ظاهر النقاط المعلنة، لتمسّ
صميم الشفافية وتضع مصداقية المؤسسة تحت المجهر.
الجلسة التي كان من المفترض أن تمتد
إلى الرابعة مساءً، أغلقت أبوابها منتصف الطريق، وتركت وراءها ضجيج تساؤلات لا
تهدأ، وعلامات إستفهام شفافية السلطة المحلية.
رغم بساطة جدول الأعمال في ظاهره، إلا
أن النقطة السادسة فجّرت صراعًا علنيًا داخل المجلس، حيث طرح العضو "عبد
الواحد بكار" سؤالًا حارقًا حول قانونية تمرير دعم للجمعيات الرياضية
والثقافية بإنتقائية لصالح برلماني في المنطقة، متهما بعض الأطراف بـ"التمرير
الصامت" لهذه النقطة، رغم أن التصويت لم يحصد سوى خمسة أصوات، كما جاء في
الشريط المسجّل والمتداول علنًا.
قائد المقاطعة وتحت إشراف باشا
المدينة، وُضع في مرمى المسؤولية، بعدما طُلب منه تدوين هذا الخرق بصفة رسمية على
مسؤولية العضو "بكار".
المثير أن لجنة الرياضة والثقافة التي
من المفترض أن تقدم تقريرًا مفصّلًا عن الجمعيات المستفيدة، لم يكن لها أي علم أو تقرير
جاهز، الأمر الذي فجر ردودًا متشنجة من بعض أعضائها، بل ورفض رئيس اللجنة أساسًا
تقديم الموافقة على ما جرى، هنا، لم يعد السؤال عن الدعم، بل عن الكيفية والنية
الحقيقية خلفه كل هذا، ومن المتحكم .
في خلفية هذه الفوضى المؤسسية، تبرز
أصابع خفية تستعمل الثقافة كغطاء لمصالح شخصية.
رئيس جمعية "أجي أفمي وقول" تدّعي حفظ "التراث
اللامادي" صار عنوانًا لأسئلة متزايدة حول استغلال التمويل العمومي منذ سنين،
رغم أنه عضو في جماعة أخرى، حيث تشير مصادر وشهادات حية إلى توقيعات تمّت باسم
مستفيدين لم يتلقوا أي شيء، ملف جمعوي تحوّل فجأة إلى لغز مالي يحتاج لتدقيق عاجل
من طرف المجلس الأعلى للحسابات، وتدخل النيابة العمة على الخط للإستماع للشهادات
المخيفة.
الشريط المُسرّب على نطاق واسع لم يعد
مجرد مادة إعلامية، بل تحوّل إلى وثيقة احتجاج رسمي، تضم اتهامات مباشرة تتعلق
بالتلاعب بمستحقات الدعم، وتوجيه المال العام صوب جيوب معروفة.
ووسط هذا الغليان، يُطالب فاعلون
محليون والنيابة العامة والمجلس الاعلى للحسابات بفتح تحقيق رسمي، باعتبار ما جرى
ليس مجرد سوء تدبير بل مسّ بكرامة العمل العمومي ونهب للمال العام.
وتتزايد الدعوات اليوم لمساءلة
المعنيين بالأمر قانونيًا، لا سيما أن الوضع بات لا يُطاق: دعم مالي بمبالغ ضخمة
يُوزّع دون معايير واضحة المعالم، والجمعيات الفاعلة ميدانيًا تُقصى لصالح كيانات
قريبة من مراكز القرار داخل المجلس.
أين الشفافية؟
وأين التقارير المالية؟
وأين التوازن في التعامل مع المال
العام؟
أعضاء داخل المجلس أنفسهم بدأوا
يعلنون التذمر من "التحكم من الخلف"، حيث تدار الأمور بعيدًا عن الطاولة
الرسمية، وتُمرر النقاط بطرق يُوصف بعضها بغير القانونية بقراءة برقية الولاء
للسدة العالية بالله، والتي تم تلاوتها بتمام الساعة 12:00 حسب توقيت غرينتش.
وهذا ما يثير مجموعة من علامات
الإستفهام، حول إحترام توقيت المداخلات، والمصادقة، والجهات المكلفة بالسهر على
تطبيق القانون، طبقا للدستور والتوجيهات السامية الملكية في تذبير شؤون المواطنين
المغاربة، في الداخل والخارج .
فهل يُعقل أن تستمر إدارة الشأن العام
بهذا الغموض؟
أليس من حق المواطنين بسيدي يحيى
الغرب معرفة أسماء الجمعيات التي تُمنح لها ملايين من أموالهم؟ ولماذا لا يتم فتح
ملفات هذه "الصفقات" الثقافية والرياضية أمام الرأي العام؟
ما يمكن إعتباره بالفضيحة التي بدأت
داخل قاعة الاجتماعات، انتقلت إلى الشارع، وأصبحت حديث الساعة وقضية رأي عام محلي،
وسط مطالب بوقف العبث ورفع الستار عن كواليس الدعم الجمعوي، كيف يمكن الحديث عن
تنمية محلية، وهناك من يستعمل الجمعيات كقنوات لصرف المال العام بلا حسيب ولا
رقيب؟
وهل نحتاج إلى "زلزال
إداري" ليعيد التوازن إلى هذه الجماعة؟
اليوم، الكرة في ملعب عامل إقليم سيدي
سليمان، "إدريس روبيو" المشهود له بالصرامة والكفاءة، والذي يُنتظر منه
التدخل بحزم لفتح تحقيق نزيه، والاستماع لكل الأطراف، بمن فيهم العضو المشتكي،
ومحاسبة كل من ثبت تلاعبه بالمال العام.
فالشفافية لم تعد خيارًا، بل ضرورة
وطنية، تماشيا مع التوجيهات الملكية الحاثة على النزاهة وتكافؤ الفرص.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك