أنتلجنسيا المغرب: أبو فراس
في الوقت
الذي تُخلد فيه الطبقة العاملة المغربية عيدها الأممي، وسط أجواء رمزية من
الاحتجاجات والخطابات النقابية، يحل فاتح ماي 2025 على وقع ظروف اقتصادية
واجتماعية هي الأصعب منذ سنوات، في ظل استمرار موجة الغلاء، وتدهور القدرة
الشرائية، وغياب أي بوادر انفراج من طرف حكومة عزيز أخنوش التي اختارت الصمت
واللامبالاة في تعاطيها مع معاناة العمال والطبقات الهشة.
عيد بطعم
المعاناة.. لا احتفالات في زمن الأزمات
خلافًا لما
كان عليه الحال في مناسبات سابقة، تغيب أجواء الاحتفال الحقيقي عن شوارع المملكة،
إذ تحوّلت التظاهرات العمالية الرمزية ليوم فاتح ماي إلى صرخات استغاثة، تحملها
النقابات العمالية في مواجهة الصمت الحكومي. في جل المدن المغربية، خرج مئات
العمال في مسيرات رمزية، رافعين شعارات تطالب بتحسين الأجور، وقف الغلاء، وإنقاذ
الوظيفة العمومية والقطاعات الإنتاجية من الانهيار.
وتأتي هذه
الوقفات في وقت تعاني فيه فئات واسعة من المغاربة من تراجع حاد في القدرة
الشرائية، بفعل الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الأساسية، والخدمات،
والمحروقات، دون أن يواكب ذلك أي تدخل حكومي فعّال للحد من هذا النزيف الاقتصادي
والاجتماعي.
نقابات تلوّح
بالتصعيد.. والحكومة خارج التغطية
في تصريحاتها
الرسمية، لم تخف النقابات الأكثر تمثيلية، كالاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية
الديمقراطية للشغل، خيبة أملها من تعاطي حكومة أخنوش مع مطالب العمال، معتبرة أن
الحوار الاجتماعي أصبح شكليا، يفتقد للجدية والإرادة السياسية، وهو ما دفعها إلى
التلويح بالتصعيد إذا لم يتم التجاوب مع مطالبها العادلة.
العديد من
الزعامات النقابية نددت بما وصفته بـ"التواطؤ الحكومي مع لوبيات
الغلاء"، و"الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين"،
متهمة الحكومة بـ"الهروب إلى الأمام" وعدم تقديم أي مبادرة تواكب حجم
التحديات التي تمر بها الشغيلة المغربية، لاسيما في ظل ركود اقتصادي وارتفاع مقلق
لمعدلات البطالة والهشاشة.
عمال القطاع
غير المهيكل.. معاناة بلا صوت
رغم أن أرقام
المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن نسبة مهمة من اليد العاملة بالمغرب تنتمي
إلى القطاع غير المهيكل، إلا أن هذه الفئة تبقى الأكثر تهميشًا في السياسات
العمومية. فلا هي تستفيد من برامج الحماية الاجتماعية، ولا تشملها إجراءات الرفع
من الحد الأدنى للأجور، ما يجعلها عرضة للانهيار الاقتصادي مع كل موجة غلاء.
فاتح ماي
2025 يمر إذن على هذه الفئة بصمت مطبق، إذ لا تملك صوتا نقابيا يعبّر عنها، ولا
حكومة تنصت لمطالبها، ما يجعلها تعيش التهميش المضاعف دون أي أفق يلوح في الأمد
القريب.
هل من أمل في
أفق 2026؟
مع اقتراب
الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، يترقب المغاربة ما إذا كانت حكومة أخنوش
ستتفاعل أخيرًا مع انتقادات الشارع والنقابات، وتعيد ترتيب أولوياتها في اتجاه
السياسات الاجتماعية، أو ستستمر في نهجها التقنوقراطي البعيد عن نبض المواطنين.
وبينما يحتفل
العمال حول العالم بإنجازاتهم ونضالاتهم، يحتفل العمال المغاربة هذا العام بمرارة
الغلاء، وقساوة التهميش، وسط وعود حكومية معلّقة، وحلول غائبة، ومعارضة برلمانية
غير قادرة على فرض التوازن اللازم في المشهد السياسي والاجتماعي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك